•تلقى الجيش السوري هذا الشهر ضربات موجعة على عدة محاور، والخطاب الأخير لحسن نصر الله زعيم حزب الله وحليف النظام السوري، هو أكبر دليل على الضغط الذي يعانيه الحزب من جراء الإنجازات التي حققها المتمردون وتحديداً تنظيم داعش. فقد وصف نصر الله خطر داعش بأنه "تهديد وجودي"، أما قائد قوات القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني فانتقد تساهل الولايات المتحدة في الحرب ضد هذا التنظيم السني في العراق.
•لكن برغم موقف حزب الله وإيران فما يزال من المبكر نعي نظام الأسد، ولا تبدو نهاية الرئيس السوري قريبة. لقد خسر الجيش السوري مدينة تدمر شرقي الدولة واحتلها داعش، ومُني بخسائر كبيرة في إدلب في الشمال على يد جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) ومجموعات أخرى للمتمردين. في المقابل على جبهة القلمون المطلة على المعابر الحيوية إلى لبنان وغير البعيدة عن دمشق، نجح الجيش السوري ومقاتلو حزب الله في صد هجوم المتمردين والسيطرة على عدة مواقع استراتيجية مهمة. ويشار إلى أنه إلى جانب المعارك التي يخوضها المتمردون ضد جيش الأسد وحزب الله في القلمون، تدور معارك بين داعش والنصرة أيضاً.
•تعتبر تدمر محطة أساسية للتجارة بين سورية والعراق. وهي أيضاً مفترق طرق مهم تتفرع منه الطرق المؤدية إلى حمص في الشمال ودمشق في الغرب التي تقع على بعد نحو 230 كيلومتراً. ونجح داعش في إقامة مواقع صغيرة على الطريق إلى دمشق يطلق منها رجاله القذائف بين الحين والآخر في اتجاه المدينة، لكن لا يبدو أن التنظيم ينوي الانقضاض على العاصمة حالياً. في المقابل، أعلن قائد جبهة النصرة محمد الجولاني هذا الأسبوع نيته قصف دمشق.
•إن وضع الأسد صعب فهو يسيطر على ربع سورية، وعلى دمشق وجزء من حلب، وعلى الطرقات الأساسية المؤدية إلى المدن الساحلية الكبرى: اللاذقية وطرطوس، والمنطقة العلوية التي ينتمي إليها. ولحق ضرر كبير بالجيش السوري الذي تكبد آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى وانشق عدد كبير من أفراده، كما خسر الجيش كميات كبيرة من صواريخه ولا سيما صواريخ سكود التي تستطيع اصابة إسرائيل. وتراجعت قوة سلاح الجو السوري الذي يعتبر السند الأساسي لهذا الجيش على الرغم من أن طائراته ما تزال تقلع وتلقي القنابل على الأبرياء من أبناء شعبه. في المقابل نجح النظام في المحافظة على خطوط الإمداد الداخلية والخارجية، وما يزال السلاح والذخيرة يصلان من إيران إلى دمشق وعبر السفن الروسية التي تصل إلى الموانئ. ولا أهمية كبيرة لوقوع نحو 70% من أراضي سورية تحت سيطرة المتمردين، لأن أكثرها مناطق صحراوية تقع في الشرق بالاضافة الى مدن مثل دير الزور والرقة التي أعلنها داعش عاصمة له.
•ما الذي يتعين على إسرائيل أن تفعله؟ حتى الآن تبدو سياسة إسرائيل بعدم التدخل معقولة حتى وإن تكن غير أخلاقية حيال قتل شعب يجد نفسه ضحية الأطراف المتقاتلة. وكما ذكرنا سابقاً، فقد تدخلت إسرائيل فقط من خلال قيامها بعشر غارات جوية من دون اعلان مسؤوليتها ضد قوافل السلاح الجديد والمتطور، وبخاصة الصواريخ الفائقة الدقة التي كانت في طريقها إلى حزب الله، وعندما أُطلقت النار من سورية على إسرائيل. وبرز يومها خطر أن تؤدي هذه الهجمات إلى رد من جانب سورية وإيران وحزب الله، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، وجميع الأطراف لا يريدون التصعيد مثلما هو الوضع في غزة.
•يقال إن إسرائيل توطد علاقاتها مع المتمردين ومع جبهة النصرة تحديداً وهي التي تسيطر على الشريط الحدودي في هضبة الجولان. صحيح أن داعش استطاع السيطرة على عدة قرى في الهضبة، لكن هذه القرى تبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود الإسرائيلية وهي أقرب إلى دمشق (المسافة بين دمشق والحدود الإسرائيلية 50 كيلومتراً)، وجبهة النصرة تحارب داعش في هذه القرى وتحاول طردها منها.
•إسرائيل هي المستفيد الأكبر من الحرب الأهلية في سورية ومن انهيار الشرق الأوسط حيث يقوم أعداؤها باستنزاف بعضهم، وليس هناك بينهم من يرغب بمحاربة إسرائيل. لكن يتعين على الأجهزة الأمنية وصنّاع القرار تحديد مواقفهم عندما سيُظهر داعش أو النصرة الاهتمام بجارهم من جهة الغرب، وإعداد سيناريو رد وتحرك، على أمل ألا يحدث ذلك الأمر.