عدم التمييز بين مقاتل ومدني في حرب غزة يفرض التحقيق مع الطبقة السياسية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•"كل من يكون موجوداً في منطقة الجيش الإسرائيلي.. أي منطقة احتلها الجيش، فهو غير مدني. هذا هو الافتراض". هذا الكلام الذي برز في تقرير منظمة "نحطم الصمت" واستند إلى شهادات أكثر من 60 جندياً وضابطاً شاركوا في حرب غزة في الصيف الأخير، يفسر جيداً الحجم الكبير لأعداد القتلى من المدنيين خلال عملية "الجرف الصامد". وهذا الكلام وأمثاله مما ورد في التقرير يشير إلى السياسة المقررة من جانب المستويات العليا، وبصورة أساسية من جانب المستوى السياسي. وتنطوي هذه السياسة على تفسير مشوه "للنهج الأخلاقي" للجيش الإسرائيلي الذي يعتبر أن واجب الدولة في المحافظة على حياة جنودها يتقدم على واجبها في المحافظة على حياة المدنيين "في الطرف الآخر"، الذين لا علاقة لهم بالقتال، ويسمح بإلحاق الأذى دون تمييز بالمدنيين. 

•جاء في إحدى الشهادات "لا وجود لأشخاص غير متورطين"، مما يكشف التخلي عن مبدأ أساسي جداً من قوانين الحرب أي التمييز بين المقاتلين والمدنيين. كما تظهر الشهادات سياسة السماح "بإطلاق النار في اتجاه أي مكان وبحرية تقريباً" مما يتعارض مع القانونين الدولي والإسرائيلي. من هنا، فالأوامر التي أعطيت في إطار هذه السياسة يجب اعتبارها غير قانونية.

•كما أظهر التقرير أن الجيش الإسرائيلي حاول أن يشيع انطباعاً بأن عدد القتلى من المدنيين أقل مما هو عليه بالفعل، مثلاً من خلال اعتبار النساء اللواتي لم يشاركن في القتال وأطلقت عليهن النار وقُتلن "مخربات". هناك أيضاً شهادات تشير إلى عدم الالتزام بإجراءات التحذير قبل المس بالمدنيين، وإلى خرق مبدأ عدم مهاجمة هدف عسكري إذا كان من المتوقع أن يلحق ضرراً كبيراً بالمدنيين.

•إن ما يقلق بصورة خاصة في التقرير هو الانطباع بأن ما جرى ليس حوادث استثنائية بل سياسة مقررة. ومن هنا، فإن التحقيق في هذه الحوادث بصورة منفصلة لن يساعد في كشف الحقيقة، ويجب البدء بتحقيق خارجي يشمل جميع المستويات وبصورة خاصة المستوى السياسي لأنه هو الذي يتحمل مسؤولية السياسة التي طُبقت.

 

•في مقابلة أجرتها "هآرتس" الأسبوع الماضي مع فاتو بنسودا Fatou Bensouda المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، شددت هذه الأخيرة على أن المحكمة تتدخل فقط عندما تكون الدولة لا تريد أو لا ترغب بأن تقوم بالتحقيق بنفسها. إن إسرائيل قادرة على القيام بذلك، ويتعين عليها أن تقوم بهذا التحقيق.