"عقيدة أوباما" منفصلة تماماً عن الواقع الدولي الراهن
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•على الرغم من أن ضباباً كثيفاً من عدم التيقن ما يزال يلف مصير اتفاق الإطار بين الدول الست الكبرى [مجموعة الدول 5+1] وإيران حول البرنامج النووي لهذه الأخيرة، سارع رجال البيت الأبيض ومؤيدو الاتفاق في وسائل الإعلام إلى تثمينه ووصفه بأنه تعبير صاف عن عقيدة سياسية جديدة هي "عقيدة أوباما". وهكذا بواسطة توقيع اتفاق موقت من المشكوك أن يكون في إمكانه بصيغته الحالية شق الطريق نحو اتفاق دائم، تم وضع الرئيس الأميركي الـ 44 في صف واحد مع الرؤساء ترومان وآيزنهاور وجورج بوش الابن الذين تركوا بصمات حقيقية على الواقع بروح استراتيجيات بلوروها وسُميت بأسمائهم. 

•لكن في الوقت الذي أرادت فيه تلك العقائد التاريخية أن تنقل للعدو الكبير في فترة الحرب الباردة رسالة إصرار واستعداد لاستخدام القوة العسكرية أيضاً إذا لزم الأمر، فإن عقيدة أوباما منزوعة من أي بُعد لاستخدام القوة. وفي السياق الحالي يدور الحديث حول عقيدة نباتية تلائم في الحقيقة رؤية الحاصل على جائزة نوبل للسلام وسياسته، لكنها منفصلة تماماً عن الواقع الدولي الراهن الذي يعجّ بالاحتكاكات والانقسامات ولا سيما في جبهة الشرق الأوسط.

•ولا بُد من القول إن محاولة الرئيس أوباما تبنّي عقيدة روزفلت في بداية القرن العشرين تبدو مثيرة للسخرية، فالرئيس روزفلت أعلن أنه في المجال السياسي من الواجب الحفاظ على حديث ناعم ومسالم، لكن في الوقت عينه يجب أن تحمل عصا طويلة للردع والعقاب. ووفقاً لتفكير الرئيس الحالي وتصرفه، بقي الجزء الأول فقط من هذه المعادلة، فحديثه تجاه آيات الله معتدل ومسالم جداً، لكن السوط المهدد الذي كان بالنسبة لروزفلت مدماكاً مركزياً في ترسانته وتم إعداده للتأكد من ألا يفسر الطرف الآخر البلاغة الودودة على أنها ضعف، تحوّل بطريقة أوباما إلى مجرد عصا رمزية صغيرة لا أكثر.

•إن الفكرة الأساسية الكامنة في المقابلة الشاملة التي أدلى بها أوباما إلى الرجل المخلص له في وسائل الإعلام [الأميركية] توماس فريدمان، هي مد اليد للنظام الإيراني. وهكذا بواسطة شبكة كاملة من النيات الحسنة والخطوات المعززة للثقة (التي يقف في صلبها الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ)، يأمل البيت الأبيض التغلب على عقبات الشكوك والكراهية الموجودة تجاه الغرب من جانب إيران ووضعها على سكة الاعتدال السياسي. صحيح أن أوباما يواصل ادعاء أنه لم يتخل عن استخدام القوة تماماً، وأن تلك القوة ما تزال موجودة في الخلفية. ولكن مع ذلك، أي ثقة يمكن منحها إلى هذا الخطاب الأجوف بعد امتناعه الفضائحي عن القيام بعملية عسكرية في الساحة السورية خلال "الأزمة الكيميائية" في نهاية سنة 2012، وبعد أن أصبحت الإدارة الأميركية في ذروة التقليصات في ميزانية الدفاع؟

إزاء الحماسة الواضحة لواشنطن للتوصل إلى اتفاق بأي ثمن تقريباً وتسويقه كدرّة التاج في إنجازات الرئيس في الساحة الدولية وكجزء أساسي من ميراثه، هل ما يزال قائماً بالفعل أدنى احتمال لأن يتم استلال السيف من غمده أيضاً في اليوم الذي يتضح فيه نهائياً، أن إيران تقوم بتضليل المجتمع الدولي وزعيمته الولايات المتحدة؟ 

•بناء على ذلك، لم يكن من المستغرب أنه في ضوء التنازلات الكبيرة لإيران التي يتضمنها اتفاق لوزان، أن تواجه جهود التسويق انتقاداً جماهيرياً شديداً سواء داخل الحلبة السياسية الأميركية أو من جانب حلفاء تقليديين وعلى رأسهم إسرائيل.

•إن المبادرة الجديدة للكونغرس الرامية إلى تقييد الإدارة الأميركية في هذا المجال تعبّر بأمانة عن الاتجاه السائد في أوساط الرأي العام في الولايات المتحدة الذي تجاوز منذ فترة الخلافات الحزبية. ومن غير المستبعد أن يؤدي تحدي أساس "عقيدة أوباما" الرخوة إلى سدّ الطريق أمام احتمالات التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران، أو أن يفرض على أوباما أن يسحب من جعبته عصا رادعة حقيقية ويضمها إلى رزمة الإغراءات والمحفزات التي استند عليها حتى الآن خلال مفاوضاته.

•إن بلورة عصا من هذا النوع من شأنها أن تنطوي أيضاً على جواب عن استغراب الرئيس أوباما وبالأصح تظاهره بالسذاجة، حين ادعى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يعرض بديلاً عملياً مناسباً من "اتفاق لوزان". إن مثل هذا البديل كامن بالضبط في العودة إلى عقيدة روزفلت.