العلة لا تكمن في نتنياهو فحسب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•لم "يخرّب" بنيامين نتنياهو العلاقات مع الولايات المتحدة ولم "يدمّرها". مع الأسف الشديد- ليس هناك أمور كثيرة أفسدت إسرائيل أكثر من علاقاتها المفسِدة مع أميركا- وجلّ ما فعله نتنياهو هو أنه أضرّ بعلاقاته الشخصية مع الإدارة الأميركية. هذا ليس أمراً جيداً لكنه ليس بالأمر الخطير أيضاً. فالولايات المتحدة تواصل وستواصل تمويل وتسليح إسرائيل وتأييدها بشكل أعمى في كل حروبها واحتلالاتها، مع نتنياهو أو من دونه، وهي ستعانق مجدداً رئيس حكومة إسرائيل، ما إن يتم استبداله. فقط انتظروا الردّ الأميركي (والأوروبي) المهلّل ليتسحاق هرتسوغ إذا تم انتخابه، وسترون كيف سيعود كل شيء إلى طبيعته، من دون أضرار. إن اتهام نتنياهو بتخريب العلاقات مع الولايات المتحدة جزء من حملة شيطنة رئيس الحكومة التي بلغت ذروتها حالياً. 

•هناك لعنة تربض على إسرائيل تدعى نتنياهو، فقط نتنياهو. إنه الشيطان. وكل تفصيل في سلوكه الشخصي المعيب والمثير للاشمئزاز يُصوَّر كخطيئة وكارثة وطنية؛ والحقيقة هي أن نتنياهو رئيس حكومة سيئ جداً – لكنه ليس أسوأ بكثير من معظم أسلافه من رؤساء الحكومات السابقين. فهو خاض حروباً عبثية أقل من إيهود أولمرت، وبنى مستوطنات بلا جدوى أقل من إيهود باراك (نسبةً إلى مدة ولايته)، وهو على ما يبدو أقل فساداً من أريئيل شارون. تقهقرت إسرائيل في عهده على عدة أصعدة، لكن هذا التقهقر لم يبدأ مع مجيئه ولن يتوقف مع خروجه. التفكير السائد حالياً هو أن المشكلة الوحيدة التي تواجه الدولة تدعى نتنياهو: تنحيته ستجلب الخلاص. بيد أن نتنياهو ليس المشكلة الوحيدة، أو حتى الرئيسية، وتنحيته بالتأكيد لن تجلب الخلاص. وقد تجاوز التركيزُ عليه حدودَ المعقول، وهذا يذكّر بطقوس الفودو والشعوذة. كم من السهل تحميله كل شيء. وكم هو مريح إلصاق جميع أمراض الدولة والمجتمع بهذه الشخصية المستبدة، والاعتقاد بأن هذه ليست نحن، وليست أنتم- إنها هو فقط. كم من السهل والمغري اعتقاد أنه مع خروجه كل شيء سيتعافى، وستشفى كل الجراح وتتفتح ألف زهرة- لو أنه فقط يخرج من حياتنا. هذا هو بالتأكيد طريق التهرب من معالجة المشكلات الحقيقية، طريق نموذجي جداً بالنسبة لمجتمع في حالة إنكار. فهو مثل "البؤر الاستيطانية غير القانونية" التي ستؤدي إزالتها إلى إنهاء الاحتلال. مثل ياسر عرفات الذي فقط إذا تخلصنا منه، سيحلّ السلام. وفقط إذا تخلصنا الآن من نتنياهو- سيكون كل شيء على ما يرام. هذا مثير للضحك عند النظر إلى منافسيه: هرتسوغ، أو تسيبي ليفني، أو يائير لبيد، أو موشيه كحلون. ستتغير أمور لدى تسلّم أي منهم رئاسة الحكومة أقل بكثير مما تحاول حملة شيطنة نتنياهو تصويره. غداً سوف يلقي خطاباً في الكونغرس. المحللون في إسرائيل، أولئك الذين لن يتجرأوا على الخروج عن حدود إجماع القطيع، سيتنافسون في ما بينهم حول من يوجّه إليه بشكل أقوى سهام النقد، ومن يجيد أكثر وصف الأضرار "التاريخية" التي ألحقها الخطاب بالعلاقات مع الولايات المتحدة. إنما بعد فترة وجيزة، سيحطّ في إسرائيل سربٌ حديث من الطائرات المقاتلة التي تزوّدها الولايات المتحدة لإسرائيل نتنياهو كي تستأنف قصف قطاع غزة

 

 

المزيد ضمن العدد 2082