من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•مكث ثلاثة أشخاص: أميركي، وإيراني، وأميركي من أصل إسرائيلي، في الفترة نفسها والمكان نفسه في مدينة بوسطن. درس اثنان منهما في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ثم في ما بعد علّم أحدهما في المعهد المذكور. يقترب اثنان منهما من التوصل إلى اتفاق، في حين يحاول الثالث إفشاله. الأميركي، ابن مهاجرين من البرتغال، هو البروفسور إرنست مونيز، وزير الطاقة في إدارة أوباما؛ فقد أصبحت وكالة الطاقة النووية تابعة لوزارة الطاقة، والوزير هو المرتبة السياسية العليا في المجال النووي. في العام 1973، بدأ مونيز، الحائز حديثاً على شهادة الدكتوراه، يعلّم في MIT. أما الإيراني فهو علي أكبر صالحي رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية في نظام الثورة الإسلامية. درس صالحي في MIT خلال الفترة 1973-1977 ونال شهادة الدكتوراه في الهندسة النووية. أراد الشاه محمد رضا بهلوي تزويد إيران بقدرات نووية نظرياً من أجل استخدام الذرة في مشاريع مدنية، وعملياً من أجل امتلاك سلاح نووي كما يليق بقوة إقليمية فخورة وطموحة.
•درس بن نتاي، الأميركي من أصل إسرائيلي، في معهد MIT خلال السنوات 1972 -1976. أساتذته شهدوا بأنه كان تلميذاً جيداً، مواظباً، ومنهجياً. ولأنه كان أكبر من زملائه المحليين بخمسة أعوام من جراء الخدمة العسكرية، عمل على سد الفجوة، ضاغطاً على نفسه من أجل تحصيل شهادتين خلال أربعة أعوام، في الهندسة المعمارية وإدارة الأعمال. ثم بدأ يدرس من أجل اللقب الثالث [دكتوراه] في العلوم السياسية في جامعتي هارفرد وMIT. وكان أحد مواضيع أطروحة التخرج هو المسألة التي ما فتئت تقلقه منذ ذلك الحين: الصحافة. والموضوع المحدد كان استعمال الحواسيب الإلكترونية في مجالات جمع المعلومات ونشرها. بعد عودته إلى إسرائيل وإلى اسمه الأصلي بنيامين نتنياهو، استحوذ على بن نتاي شعور جامح لتضخيم سيرته الذاتية. لم يخدع، حاشا وكلاّ، وإنما بالغ فقط. كتب بشأن خدمته كآمر مجموعة في وحدة "سييرت متكال"، أنه "تلقى تنويهاً خاصاً لأدائه العملاني من قبل قائد المنطقة الشمالية [اللواء] موتي غور". وفي الإنكليزية، هذا يبدو أكثر أهمية، "وساماً". وقد سخر ضباط أعلى منه رتبةً في الوحدة المذكورة لدى سماعهم ذلك، فقالوا إن قيادة المنطقة الشمالية اعتادت آنذاك توجيه كتاب تقدير روتيني لكل ضابط يجتاز خط الحدود مع مجموعته لتنفيذ مهمة بسيطة نسبياً، دون الاصطدام مع العدو. وبنفس روحية الاعتداد بالنفس، تفاخر نتنياهو بأنه عندما كان سفيراً في الأمم المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، كان "مقاتلاً هجومياً على جبهة الدعاية السياسية [لدولة إسرائيل]". وهذه هي أحبّ الكلمات إلى قلبه: "مقاتل، جبهة، هجومي". وهو يستخدمها أيضاً في أحاديث شخصية في معرض امتداح نفسه وآخرين. أما الدعاية السياسية، فهي أمّ الجبهات.
•وفي غضون ذلك، تقدّم صالحي في مسيرته الأكاديمية والمهنية في كلا النظامين، نظام الشاه ونظام آية الله الخميني. وبين فترتي رئاسته لمفوضية الطاقة النووية، شغل منصب وزير الخارجية قبل محمد جواد ظريف. ومونيز أيضاً جمع بين العلم ونظام الحكم. وانتشله أوباما من احتياطي الحزب الديمقراطي بعد أن عمل في البيت الأبيض وفي وزارة الطاقة الأميركية خلال عهد بيل كلينتون.
•هذا الأسبوع، في جنيف، اقترب مونيز وصالحي وظريف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري من التوصل إلى اتفاق أميركي - إيراني، يحاول نتنياهو إفشاله. لو لم يكن واضحاً أنه يعمل انطلاقاً من دوافع شخصية وسياسية، برغم ما يعرفه وليس من جراء جهله بالموضوع، لصحّ القول عنه إنه تنقصه تلك الحصص الدراسية التي غاب عنها نتاي، في حين بقي صالحي ومونيز في حرم الجامعة. إن العائق الأساسي الذي يمنع إيران من أن تعدو لامتلاك سلاح نووي، ومن أن تخرج من محطة الوقوف التي لم تبارحها منذ أعوام، هو الإرادة السياسية. فالقيادة الإيرانية، برئاسة آية الله علي خامنئي، تؤثر حتى الآن عدم دفع ثمن تحقيق القدرة [على امتلاك سلاح نووي]. ولكنها ليست على استعداد لمغادرة هذه المحطة، وترفض الخضوع لإذلال هو بمثابة استسلام. أما أوباما، بمقاربة رصينة، فيدرك ثلاثة حقائق أساسية: [أولاً] إيران قد توافق على صيغة معينة للتجميد، لكن ليس على تفكيك البرنامج؛ [ثانياً]، إن تحالفَ القوى الكبرى ضد النووي الإيراني هشٌّ، ودعم مجموعة الـ5 المشاركة في المفاوضات لمطالب أميركية متصلبة ليس مضموناً؛ ثالثاً، ليس وراءه شعب وجيش مستعدان ومتحمسان للحرب ضد إيران. وإن ما يعتبره نتنياهو "اتفاقا سيئاً" هو في نظر أوباما انعكاس مؤسف لواقع صعب، لكن ممكن احتماله. فالسياسة الخارجية الأميركية عليها أن تأخذ في الحسبان ساحات صراع أخرى. مثلاً، في مواجهة روسيا، وبالتنسيق مع ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا - أوكرانيا. ومن بين أمور أخرى: أولئك الجمهوريون المشاكسون الذين يضغطون على أوباما كي يتصلب في مطالباته من إيران، والذين هم نفسهم سيضغطون عليه كي لا يدفع لروسيا بعملة أوكرانية للحصول على تعاونها في السياق الإيراني. هل هذا تناقض؟ إن حل هذا التناقض ليس من مسؤوليتهم. إنها مشكلة الرئيس. إنهم مشرّعون فحسب، ولا يهمهم رأي فلاديمير بوتين بالكونغرس.
•الأكثر إزعاجاً لإسرائيل في تحوّل إيران إلى دولة نووية، هو طابع النظام [في إيران]، فلو أن سلالة بهلوي عادت إلى السلطة في طهران، وتخلّت عن الإسلام الثوري وعادت مجدداً إلى أحضان الغرب من دون معاداة إسرائيل، لكانت أي حكومة في القدس ستغض النظر عن سلاح نووي إيراني. ومع أنه سوف تبقى الخشية من سباق تسلّح نووي- من أنقرة، إلى الرياض، والقاهرة- إلا أن الخوف الوجودي سيتلاشى ويتلاشى معه التهديد الإسرائيلي بتوجيه ضربة عسكرية إلى البنى التحتية النووية في إيران. لا يبدو أن أسرة بهلوي والقريبين منهم فكرياً، الأكثر ديمقراطية من استبداد الشاه المرفوض، على وشك القيام بثورة مضادة، لكن أوباما يأمل في أن توصل مهلة من الوقت إلى نظامٍ خالٍ من العداء للغرب (ولإسرائيل). ويرى أوباما أنه بعد 10 - 15 عاماً، على ضوء تقييمه للوضع الدولي ومحادثاته مع كل من [آية الله] خامنئي، والرئيس حسن روحاني، ومبعوثيهم ظريف وصالحي، سوف يكون تموضع إيران مختلفاً. وفي حال تذاكى النظام الحالي وسعى للحصول على قدرات نووية عسكرية في خرقٍ واضح لتعهداته، سيكون سهلاً على الرئيس [الأميركي] الجديد حشد دعم داخلي ودولي لاستخدام القوة ضده.
•منذ كفّ عن أن يكون نتاي وعاد ليكون نتنياهو، أجرى تحديثاً لمعلوماته حول موضوعين يرتديان أهمية عليا: التفاهمات مع البيت الأبيض في الموضوع النووي منذ ريتشارد نيكسون وغولدا مئير في أيلول/سبتمر 1969؛ وتحضيرات المؤسسة العسكرية لتوجيه ضربة عسكرية لإيران إذا اتُخذ في الحكومة قرارٌ بهذا الشأن. لكن تصرفه الفظ ضد أوباما يعرّض نسيج التفاهمات الحساس (نتنياهو ليس مستعداً للمساومة بشأن تنازلات إسرائيلية في مقابل تنازلات إيرانية)، ويتجاهل القدرة المنسوبة لهذه التفاهمات، على تقليص الأذى الإيراني لإسرائيل تقليصاً كبيراً في حال نشوب نزاع، علماً بأنه لم يجر اختبار هذه القدرة في ظروف حقيقية، ومع مرور السنين فقد يتغير ميزان القوى لغير صالح إسرائيل. وتبعاً لذلك، لو كان الحرص على أمن إسرائيل هو الذي يوجّه خطى نتنياهو وليس بقاؤه في كرسي الحكم، لما اختار أن يواجِه أوباما ويتحالف مع خصومه الجمهوريين، بل كان سيسعى لتضمين اتفاق أوباما - خامنئي إعلانَ إيران رسمياً تخلّيها عن حلم تدمير إسرائيل، وهي فكرة تروق لمسؤولين كبار في المؤسسة العسكرية والأمنية، وفي الوقت ذاته، ليحصل من أوباما على موافقته على عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران، إذا اتفقت الأجهزة الاستخباراتية في كلا الدولتين على أن الإيرانيين خرقوا تعهداتهم المنصوص عليها في الاتفاق، وأنهم مارسوا الخداع وهم يسرعون للحصول على القنبلة. والمقصود هو عملية إسرائيلية - وليس أميركية.
•في سيرته المضخمة، كتب نتاي/نتنياهو أنه عاد في حرب يوم الغفران [1973] من معهد MIT ليخدم في الاحتياط 40 يوماً. ولكن مع أنه لم يستكمل الدكتوراه في العلوم السياسية، من المفترض أن يدرك جيداً كم كانت إسرائيل آنذاك قريبة من الهزيمة، وأنها نجت بسبب المساعدة الأميركية. ولم تطلب آنذاك تعريض حياة جنود أميركيين للخطر من أجل إنقاذها. لن ينجح نتنياهو في إفشال اتفاق القوى الكبرى مع إيران، لكن مغزى محاولاته هو أنه للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين [الدولة] الراعية و[الدولة] التي تتلقى المساعدة، سوف يتم استدعاء جنود أميركيين للمجازفة بحياتهم ليس في حرب يقودها رئيسهم باعتباره القائد الأعلى للجيش، وإنما رئيس حكومة إسرائيل. إن رواسب هذه الوقاحة الشائنة سوف تخيّم طويلاً [على العلاقات الثنائية] حتى بعد أن يخلي نتنياهو ديوان رئاسة الحكومة.