•حتى وقت قصير مضى، لم أكن أنتمي إلى "الحزب الأكبر" في إسرائيل الذي يضم مجموعة المواطنين الذين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون في الانتخابات العامة المقبلة. أما الآن فثمة احتمال كبير بأن أصوّت لحزب جديد يكاد يكون مجهولاً اسمه "بفضلهن".
•يدور الحديث حول تنظيم جديد لنساء يهوديات حريديات [متشددات دينياً] يكافحن من أجل تمثيلهن في الكنيست الجديد. قد يبدو الأمر غريباً جداً، فأنا مهتم أساساً بموضوعات الخارجية والأمن، وهذا الحزب يركز على الموضوع الاجتماعي فقط بل وفي مجال ضيق للغاية. فضلاً عن ذلك، فأنا لست حريدياً وبالتأكيد لست امرأة. أنا أؤيد هؤلاء النساء أيضاً ليس لأن جمهورهن غير ممثل في الكنيست، فثمة بالتأكيد مجموعات عديدة أخرى غير ممثلة. كما أنني لا أؤيدهن فقط لكونهن مظلومات، فثمة في إسرائيل مجموعات مظلومة أخرى. أنا أؤيدهن لأن هذه المجموعة هي الوحيدة المهددة بسبب مجرّد رغبتها في ممارسة الحق الديمقراطي الأساسي: محاولة الترشح إلى المجلس التشريعي.
•تقف على رأس هذا التنظيم امرأة اسمها روت كوليان، اجتمعت معها يوم الخميس الفائت وبسطت أمامي الظلم الذي تعاني منه آلاف النساء الحريديات والمعضلة الماثلة أمامهن. فمن جهة تمنع المؤسسة الحريدية أي تمثيل للنساء ضمن قوائم مرشحيها للكنيست، ومن جهة أخرى تهددهن المؤسسة ذاتها بأنه في حال قيامهن بتشكيل حزب خاص بهن فسيدفعن ثمناً باهظاً. وفي الآونة الأخيرة هدّد أحد كبار الحاخامين بأنه إذا تجرأت امرأة على تأييد حزب غير خاضع لقيادة عظماء التوراة، "فإنه يجب تطليقها من زوجها من دون نفقة، ويحظر شراء أي منتج منها، ويجب إخراج كل نسلها من المؤسسات الحريدية". من المعروف أنهم يكثرون عندنا من الحديث عن الخطر الآتي من إيران، وها هي إيران قائمة هنا.
•إن ما يثير القلق ليس فقط الصراع العلني الذي تخوضه المؤسسة الحريدية ضد الحق الأساسي للجمهور في التنظيم والانتخاب، ولكن هذا الصراع يتضمن تحريضاً وتهديداً بمس بحقوق أساسية. وكنت أتوقع من المؤسسة الإسرائيلية ومن الرأي العام على حد سواء، أن يقفا إلى جانب هؤلاء النساء الجريئات. ولكن هذا لم يحدث بتاتاً. فالشرطة لم تفتح حتى تحقيقاً في تهديدات من هذا القبيل برغم أنه تم تقديم شكوى. والأحزاب التي توجهت إليها تلك النساء لدرس إمكان انخراطهن فيها لم تأبه بهن على الإطلاق. أما الجمهور الغفير فغير مكترث. وليس من المبالغة القول إنه لو كانت مثل هذه التصريحات أطلقت ضد جماعات أخرى لثارت عاصفة عامة. لكن عندما يدور الحديث حول نساء حريديات، فإن مشكلتهن ينبغي أن تجد حلاً لها "داخل العائلة" فقط.
•وجدت من الصائب أن أساعد هؤلاء النساء لأن الحديث يدور حول صراع في سبيل حق أساسي ديمقراطي يهددن بالحرمان منه في ظل استغلال نزعة القوة في المؤسسة الحريدية من جهة، وعدم اكتراث المؤسسة العامة من جهة أخرى.
•يبقى السؤال: هل ثمة احتمال لهؤلاء النساء بأن يدخلن إلى الكنيست الجديد؟ يكفي أن يصوّت لهن نصف النساء اللواتي صوتن حتى الآن للأحزاب الحريدية كي يكون لروت كوليان ورفيقاتها تمثيل مناسب في هذا الكنيست. ومن أجل تحقيق ذلك يتعيّن على جمهور النساء الحريديات ألا يخشى التصويت وفقاً لرغبته الحقيقية.