من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن استراتيجا الحزبين الأكبرين في إسرائيل [الليكود والعمل] آخذة في التبلور. نتنياهو يركز على موضوع الأمن، ويتسحاق هيرتسوغ على الموضوع الاجتماعي. هذا لا يعني أن الطرفين لن يتطرقا إلى مجمل المواضيع، لكن كل طرف سيركز على مجال القوة لديه. وهكذا بدأ نتنياهو حملته هذا الأسبوع بهاجمة أبو مازن لأنه تجرأ على التوجه إلى الأمم المتحدة وإلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وأعلن نتنياهو في مستهل جلسة للحكومة، أن قادة السلطة [الفلسطينية] هم الذين عليهم أن يمثلوا أمام المحكمة الدولية، وأنه لن يسمح بإجبار أي جندي في الجيش الإسرائيلي على المثول أمام المحكمة الدولية. كما أنه جمّد تحويل 400 مليون شيكل من أموال الضرائب المجباة بالنيابة عن السلطة، إليها. أما شعب إسرائيل، فهو يعشق هذا الأسلوب، أي عرض العضلات والحزم وابتزاز الطرف الآخر. ونتنياهو يمنحه بسخاء كل ما يريد- وهذا يشمل تذكيراً دائماً بالتهديد الإيراني.
•لا يستطيع هيرتسوغ منافسة هذا التطرف الجامح، ولذلك فالرسائل التي يبعث بها في المجال السياسي- الأمني معقدة أكثر من اللزوم. إنه يؤمن حقيقة بحل الدولتين، لكن هذا مرتبط بتنازلات بعيدة المدى عن معظم المناطق [المحتلة]، إلى حد الانسحاب إلى حدود العام 1967 مع تبادل للأراضي. لكن كيف يمكن قول ذلك للشعب عشية الانتخابات؟
•يجد نتنياهو حلاً للموضوع الاقتصادي بقوله إنه لا توجد صلة بين وضعنا السياسي وحالتنا الاقتصادية، وإنه يمكن تحقيق النمو والازدهار بمعزل عن اتفاق سلام. وهو يعتزم "إدارة النزاع" وليس حله. ولكن المشكلة هي أن "إدارة النزاع" مؤداها سياسة مكلفة للغاية تفضي بالضرورة إلى انهيار اقتصادي.
•إن "إدارة النزاع" التي ينتهجها نتنياهو تضطره إلى تأييد زيادة ميزانية الدفاع والأمن على الدوام. وهكذا، علينا أن نحتاط لإمكانية تجديد الانتفاضة، وهناك عشرات آلاف الصواريخ التي يوجهها حزب الله ضدنا، ويلوح في الأفق خطر "داعش"، ويسود عدم الاستقرار في كل من العراق وسورية، وهناك بالطبع الخطر النووي الإيراني. وعليه، فإن الميزانية الوحيدة التي تزداد لدينا بالمعطيات الفعلية عاماً تلو العام، هي ميزانية الدفاع والأمن. وهذا يأتي على حساب ميزانيات التربية والتعليم، والرعاية الصحية، والدعم الاجتماعي، والبنى التحتية.
•وهناك ثمن اقتصادي إضافي ناجم عن سياسة نتنياهو القائمة على نسف المفاوضات، هو تدهور مكانتنا في العالم، فقد بدأ صبر العالم تجاهنا ينفد. ويتوسع بشكل ملحوظ نطاق حملة مقاطعة إسرائيل من قبل شركات، ومؤسسات، واتحادات عمال ومستهلكين. وهكذا، قطعت مجالس إدارة شركات أعمال علاقاتها التجارية مع شركات إسرائيلية تبيّن أنها تمارس نشاطات صناعية وتجارية في المناطق [المحتلة]. وألغت صناديق استثمار صفقات معقودة. وأيضاً في الوسط الأكاديمي تتسع حملة المقاطعة، وتعترف برلمانات أوروبية بالدولة الفلسطينية حتى قبل قيامها.
•نحن على قاب قوسين أو أدنى من منطقة العقوبات الدولية بالنموذج الجنوب إفريقي، بيد أن نتنياهو يؤثر إغماض عينيه متجاهلاً ذلك. كما أنه يتجاهل مثالين بيّنين يثبتان الصلة بين السلام والاقتصاد، أوّلهما اتفاقات أوسلو الموقعة في أيلول/سبتمبر 1993، التي ولّدت آمالاً كبيرة تجلت في زيادة كبيرة في الاستثمارات الدولية في إسرائيل، وبمعدل نمو سريع، وبازدهار في كافة المجالات. في المقابل، هناك مثل الانتفاضة الثانية التي أغرقت إسرائيل في الركود والبطالة.
•يصعب علينا أن نفهم كيف يمكن لأي شخص أن يزعم أنه لا توجد صلة بين عدم وجود إرادة لإيجاد حل لحالة الحرب الدائمة، والفجوات الاجتماعية والفقر والغلاء وتدني مستوى البنى التحتية.