•بعد فترة طويلة نسبياً لم يلعب فيها السياسيون الحريديم دوراً مهماً في حياتنا باستثناء أخبار عن علاقات الحب والكراهية بين أرييه درعي وإيلي يشاي [من زعماء حزب شاس]، ها هم يعودون إلى الصفحات الأولى. فالمعارضة والائتلاف يتوددان إليهم، وثمة من يعرض عليهم الدخول إلى الحكومة في إطار حكومة طوارئ وطنية، وآخرون يقترحون عليهم تشكيل حكومة بديلة.
•بيد أن الحقيقة السياسية التي لا علاقة لها بتركيبة الحكومة أو بمسألة تاريخ إجراء الانتخابات في إسرائيل، هي أن اليمين لا يستطيع أن يفوز من دون أصوات الحريديم، كما لا يستطيع اليسار الفوز من دون أصوات العرب. وهاتان الأقليتان غير الصهيونيتين هما اللتان تحددان منذ وقت طويل من يكون رئيس حكومتنا الصهيوني. لم يسبق لليسار أن أدخل الأحزاب العربية قط إلى حكوماته حتى عندما كانت لديه حكومة أقلية وكان بحاجة إلى أصوات أعضاء الكنيست العرب، في حين يسعى اليمين إلى تشكيل حكومة لا تضم حريديم، وعندما ينجح في ذلك، يقوم بخطوات تمس بهم، خاصة في مجال تجنيد تلامذة المدارس الدينية، لكنه يضطر إلى التراجع عن ذلك بسبب تبعيته لهم.
•لن تؤيد الأحزاب العربية حكومات اليمين على الرغم من جس نبض بهذا الشأن حدث في الماضي. وستمنح الأحزاب الحريدية أحزاب اليمين الأغلبية المطلوبة من أجل تشكيل حكومة، لكنها لن تلتزم مسبقاً بتأييد رئيس للحكومة من اليمين. ولن تمنح هذه الأحزاب الأغلبية المطلوبة لحكومة وسط – يسار، لكنها قد تنضم إليها إذا توفرت مثل هذه الأغلبية من دونها.
•ليس الأمر معقداً جداً، فالجمهور الحريدي هو الجمهور الأكثر صقرية في إسرائيل - أكثر صقرية من جمهور الليكود وإسرائيل بيتنا، وحتى البيت اليهودي. والأحزاب التي لا يلعب أنصارها دوراً في تحديد قوائم المرشحين للكنيست، لا تستطيع الابتعاد كثيراً عن جمهورها. وفي الواقع، فإن الانضمام إلى الأغلبية الموجودة من أجل ضمان مصالح القطاع أمر يمكن هضمه دوماً، لكن لا حظوظ لنشوء أغلبية وسطية – يسارية جرّاء الغضب من حكومات اليمين. إن كبار علماء التوراة الأشكينازيين وحكماء التوارة السفارديم لا يسمحون لأعضاء الكنيست (برغم الكلام الغاضب الذي يقوله هؤلاء على منبر الكنيست خلال إطلالاتهم الإعلامية) بالابتعاد بصورة بارزة عن ناخبيهم.
•عندما يكون في متناول الحريديم تقرير من سيكون رئيس الحكومة، فهم يميلون إلى تأجيل قرارهم حتى اللحظة الأخيرة، وسيستفيدون من عمليات التودد إليهم، وسيزورون رئيس الدولة ويتحدثون عن وحدة إسرائيل بدلاً من الكشف عن مرشحهم لرئاسة الحكومة، وسيطلبون زيارته مرة ثانية بعد أن تكشف الأحزاب الأخرى موقفها. وإذا نجح مرشح وسطي- يساري في الحصول على الأغلبية من دون الحريديم، فمن المنتظر أن يبذل هؤلاء مسعى كبيراً من أجل الانضمام إلى هذه الأغلبية، ولا حاجة إلى الاتفاق مسبقاً معهم.