من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•كان هدف اجتماع الأمس بين بنيامين نتنياهو ويائير لبيد البحث في مدى استعدادهما للعمل معاً. بيد أن الجواب واضح، هما غير قادرين على ذلك. فهذا يتعارض مع طبيعة السياسة، ولا يهم ماذا سيقولان في البيانات الرسمية في نهاية الاجتماع (هذا المقال كُتب قبل الاجتماع) فللسياسة قوانينها الخاصة، وعندما تُنتهك تكون النتيجة فوضى في الدولة والاقتصاد ووسط الجمهور الواسع.
•بعد مرور بضعة أيام على الانتخابات ولدى بدء الحديث عن إمكانية تعيين لبيد وزيراً للمال، كتبت في هذه الصحيفة أن القانون السياسي الأساسي يفرض أن يكون وزير المال من الحزب الحاكم، ويتفق مع رئيس الحكومة في جميع الموضوعات، وعلى هذا الأساس يجري توزيع الميزانية. من هنا، ففكرة إعطاء وزارة المال إلى يائير لبيد فكرة غير واقعية. ("هآرتس"، 5/2/2013).
•وحتى لبيد قال هذا الكلام وأعلن يومها أنه لا يناسب وزارة المال، وأن هذه الإمكانية غير عملية وأن هذا ليس مجاله، وأنه مناسب أكثر لوزارة الخارجية.
•بعد مرور شهر، وعندما رأيت أنه على الرغم من كل شيء فإن فكرة تعيين لبيد وزيراً للمال أصحبت جدية، كتبت مرة أخرى أن نتنياهو يرتكب خطأ كبيراً، وقلت: "إن دور وزير المال حاسم في نجاح حزب السلطة أو فشله.. وعندما يكون وزير المال من حزب خصم يتنافس مع رئيس الحكومة على الجمهور عينه من الناخبين، فإن هذه الحكومة ستشهد طوال فترة عملها صراعاً على الحظوة: من فعل ماذا، ومن فشل؟ ومن حقق جميع الأمور الجيدة."
•لذا من المضحك سماع نتنياهو اليوم متفاجئاَ وغاضباً من سلوك لبيد، فهذا الأمر لم يكن منه مفر. لقد كسر نتنياهو قانوناً أساسياً في السياسة، وهو اليوم يدفع ثمناً باهظاً وكذلك نحن.
•فمنذ اللحظة الأولى بعد تأليف الحكومة دخل الاثنان في معركة على نتائج الانتخابات المقبلة. الأول [نتنياهو] قدّم نفسه بوصفه "رجل الأمن" الذي يدافع عنا ضد الأشرار الذين من حولنا؛ والثاني [لبيد] قدّم نفسه بوصفه "رجل المجتمع" الذي يوزع علينا الحلوى والهدايا. وكل واحد كان يبذل كل ما في وسعه كي يقوّض مبادرات الآخر، في وقت تزداد أضرار الاقتصاد وتتصاعد.
•لقد قال لبيد عن نتنياهو إنه يشغل نفسه بصغائر سياسية بينما كل شيء جامد - الميزانية، وصفر ضريبة مضافة [على الشقق الجديدة للأزواج الشبان]، والعلاقات الدولية، والأمن الشخصي. ولم يبق نتنياهو صامتاً وقال (عبر المقربين منه) إن لبيد فشل في إدارة الاقتصاد، وإن قانون صفر ضريبة سيؤدي إلى إثراء المقاولين وسيرفع الأسعار، ولم يتردد في توجيه تهمة كبيرة إليه: المس بالأمن بعد رفضه إقرار الميزانية.
•يبدو أن مصلحة الدولة هي آخر شيء يهم الرجلان. فالشيء الوحيد الذي يهمهما هو صورتهما الشخصية والانتخابات المقبلة. وهما يجران العربة في اتجاهين متعارضين، ونحن ندفع الثمن من خلال تباطؤ النشاط الاقتصادي، والعجز الكبير في الميزانية، وتخفيض مستوى الائتمان، والمس بالعلاقات مع الولايات المتحدة، والتحريض الديني والقومي، وتدهور وضع الأمن الشخصي، وخطر انتفاضة ثالثة.
•لكن على الرغم من الأضرار الواضحة، والعداوة الشخصية، والمصالح المتعارضة، ففي تقديري أن هذه الحكومة لن تسقط في وقت قريب، فلا أحد يريد التخلي عن الحكم، وليس هناك كثيرون يتخلون عن مقاعدهم الوزارية إلا عندما يكون لا مفر لهم من ذلك. وهذا سيحدث في نهاية 2015 عندما يتضح أنه لا مجال لإقرار ميزانية 2016 من دون تقليصات كبيرة، وحينئذ سنمضي إلى الانتخابات في بداية 2016.
•وهذا يعني أن في انتظارنا سنة سيئة اقتصادياً وسياسياً، وهذه هي تحديداً العقوبة التي تحدثت عنها الكتب لكلّ من ينتهك القانون السياسي الأساسي.