•لم يفاجئ اغتيال بينظير بوتو أحداً. فمن المعروف أن الإدارة الأميركية هي التي خططت لعودة بوتو إلى باكستان كي يتم انتخابها من جديد، اعتقاداً منها أن هذه العملية تُعد الدواء الشافي لأمراض تلك الدولة.
•إن اغتيال بوتو هو الفشل الثالث من نوعه، الذي تُمنى به الإدارة الأميركية، خلال الأعوام القليلة الفائتة. الفشل الأول هو في العراق. أمّا الثاني فهو إجبارها إسرائيل على تمكين "حماس" من الاشتراك في الانتخابات العامة [التشريعية] للسلطة الفلسطينية في أوائل سنة 2006.
•لقد فاجأ انتصار "حماس" الأميركيين، الذين أعلنوا مؤخراً فقط "حرباً" على هذه الحركة. صحيح أن حماس تتلقى الآن صفعات مؤلمة من إسرائيل، لكن حتى أكثر المتفائلين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا يتوقعون القضاء على هذه الحركة في المعركة الحالية.
•يوجد لإيران وزن خاص في الحلبة الباكستانية، وكذلك في الحلبة الأفغانية المجاورة لها. كما توجد مصالح متقاربة جداً للولايات المتحدة وإيران في هاتين الحلبتين، ومن المحتمل أن يتوثق التعاون بينهما من أجل الحؤول دون انهيار النظامين القائمين في البلدين، ومن شأن موت بوتو أن يؤدي إلى تسريع هذا التعاون. إن ما يبدو، بصورة واضحة، هو أن جدول الأعمال المشترك لإيران والولايات المتحدة آخذ في الاتساع، في موازاة تفاقم المواجهة بينهما بشأن برنامج طهران النووي.
•من المتوقع أن تزداد، في غضون الفترة المقبلة، الأصوات في واشنطن التي تدعو إلى الحوار المباشر مع إيران بشأن مجمل هذه الموضوعات. وقد لمحت عمليات جس النبض، التي قامت بها السعودية ومصر مع إيران، إلى الرئيس جورج بوش بأن التحالف الدولي ضد أحمدي نجاد بدأ يعاني وهن بعض عناصره الحيوية، وخصوصاً لدى الدول العربية المعتدلة، وهو ما يُعدّ سبباً جيداً آخر في إعادة تقويم سياسة الولايات المتحدة إزاء إيران.
•إن جميع هذه التطورات لا ينطوي على بشائر طيبة لإسرائيل، ونأمل أن يدرس قادة إسرائيل جدوى مواصلة المواجهة غير المتهاودة مع "حماس". هذا هو الموضوع الأخير الذي أخطأت الولايات المتحدة تقدير الموقف فيه، ومثلما قامت بتغيير سياستها في العراق بصورة جذرية، بعد أن تأكدت من خطئها، نأمل أن تقوّم من جديد ملف "حماس".
•إذا كانت حركة "حماس" ناضجة للتوصل إلى اتفاق بعيد المدى على وقف إطلاق النار، فربما يجدر بنا أن نستنفد خياراً كهذا قبل أن نستمر في مسار الحرب غير المشروطة في الوقت الحالي. هذا هو التحدي المطروح علينا، هنا والآن. أفلا يتوجب أن يدرج هذا الموضوع في رأس جدول أعمال الرئيس بوش ورئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، خلال لقائهما القريب [في التاسع من كانون الثاني/ يناير 2008]؟