مسرحية أنابوليس.. حديث عن السلام دون أفعال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•عشية التوجه إلى أنابوليس شهدت المقاطعة [مقر الرئاسة الفلسطينية] جدلاً حاداً بشأن ما إذا كان ينبغي لمحمود عباس أن يشارك في مسرحية جورج بوش وإيهود أولمرت. فقد تبين للفلسطينيين، في اللحظة الأخيرة، أن رئيس الحكومة الإســرائيلية تراجـع عـن وعــده بأن تتطرق وثيقـة أنابوليـس، بصـورة صريحـة وملزمة، إلى إحدى القضايا الجوهرية على الأقل، وقال معارضو هذه المشاركة أنهم عافوا وعود الإسرائيليين الوهمية بإزالة الحواجز وإخلاء البؤر الاستيطانية والتعامل بسخاء أكبر مع إطلاق السجناء، وحذروا من أن عقد مؤتمر سلام عقيم آخر سيكون خيبة أمل لا يمكن للجمهور الفلسطيني أن يتحملها، وتطرقوا إلى الاحتفال الذي ستقيمه "حماس" على أنقاض مهزلة أنابوليس. غير أن الموقف الذي حسم الكفة في نهاية المطاف هو أن عقد مؤتمر الدول المانحة في باريس كان متوقفاً على عقد مؤتمر أنابوليس، وهكذا تغلبت الضائقة الاقتصادية على الضائقة السياسية.

•سوغ أولمرت رفضه ذكر حدود حزيران/ يونيو 1967 في بيان أنابوليس، ورفضه التعهد بجدول زمني لإنهاء المفاوضات، بالأوضاع السياسية القاهرة، وأوضح أن أفيغدور ليبرمان هدده بأن حزبه (إسرائيل بيتنا) سيستقيل من الحكومة وأنه سيطالب بانتخابات مبكرة. 

•كان في إمكان إيهود باراك أن يقول لأولمرت شيئاً من قبيل: "مع كل الاحترام لليبرمان إلا إنني أنا شريكك الرئيسي في الائتلاف. إذا كنت تنوي إهدار هذه الفرصة، فنحن خارج الحكومة". غير أن باراك، كما هو معروف للجميع، لم ينبس ببنت شفة، فهو لا يثق أصلاً بقدرة عباس ورفاقه في قيادة "فتح" على التوصل إلى اتفاق دائم.  كما أن رموز الجناح الحمائمي في قيادة حزب العمل لم يحتجوا على انضمام رئيسهم إلى مسرحية أنابوليس. 

•أما قادة المعارضة، مثل يوسي بيلين وحاييم أورون، وهم من الذين تابعوا عن كثب الاتصالات بين أولمرت وعباس عشية أنابوليس، فقد ابتلعوا ألسنتهم، بينما قدمت قيادة ميرتس (باستثناء زهافا غال أون) دعمها لأولمرت بصورة شبه مجانية.

•كان على معسكر السلام الإسرائيلي أن يدرك من تجربة حكومة باراك أن الحديث عن السلام من دون أفعال يمكن أن ينتهي بانتفاضة. غير أن فريق أوسلو في حزب العمل غض بصره عن الأخطاء التي ارتكبها باراك في إدارة العلاقات مع الفلسطينيين، بدءاً من تفضيل المسار السوري، وانتهاء بالتحضير الرديء لكامب ديفيد. وقدم وزراء ميرتس تسهيلات كبيرة له في كل ما يتعلق بسياسة الاستيطان وحقوق الإنسان في المناطق [المحتلة].

 

•هل سمع شخص ما أن حزب العمل أو ميرتس طالبا رئيس الحكومة بأن يفي بالتزامه للأميركيين إخلاء بؤر استيطانية؟ لماذا يعتقد كلاهما أن رئيس الحكومة الذي يخرق تعهداته الرسمية لرئيس الولايات المتحدة سيلتزم كلمته التي قطعها لهما بإجراء مفاوضات سريعة حول القدس؟ لماذا يمكن لليبرمان، ممثل اليمين، أن يهدد أولمرت بالخروج من الائتلاف إذا وصلت المفاوضات المتعلقة بالقضايا الجوهرية إلى مرحلة متقدمة، بينما لا يمكن لممثل اليسار أن يرهن تقدم العملية السلمية بتهديد مماثل؟