إذا لم تُطرح مبادرة سياسية جديدة حقيقية ومبتكرة فالعنف والكراهية سيتسبّبان بكارثة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بمعنى من المعاني أعادتنا المذبحة في هار نوف إلى أيام الانتفاضة الثانية، والتي نأمل أنها ليست هنا بعد. وثمة أمل في أنه لا يزال في إمكاننا وقف دوامة الدماء. لكن ثمة شعور شديد الوطأة بأننا نعود في الزمن إلى الوراء، إلى الأيام المريعة التي تلت مؤتمر السلام في كامب ديفيد. ومثلما ارتبط انهيار العملية السياسية في سنة 2000 بانفجار العنف، فالآن هذا ما يحدث. ومثلما كانت العاصمة سنة 2000 في عين العاصفة، فهي اليوم أيضاً كذلك. وبعد مرور عقد من الهدوء والازدهار النسبيين في إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية والقدس، ها نحن اليوم على حافة الهاوية.

•لكن بمعنى معيّن، فإن هذه المجزرة تثير القلق أكثر من هجمات الانتحاريين في كتائب عزالدين القسام وكتائب الأقصى في الانتفاضة الثانية. لأن ما يجري هذه المرة ليس صراعاً قومياً ذا ملامح دينية، بل هو صراع ديني حقيقي. والمقصود هذه المرة حرب مقدسة على مدينة مقدسة. وليس من قبيل المصادفة أن يكون هدف الهجوم الآثم كنيس وقتل يهود وهم يرتدون شالات الصلاة. وفي الواقع، فإن الأساس الديني الواضح لموجة العنف الحالية يجعلها أكثر خطورة من سابقاتها.

•بالتأكيد لا وجود اليوم لخلايا تنظيمية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، لكن وعي هذا التنظيم وأساليبه البربرية بدآ بالتسرب شيئاً فشيئاً إلى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. فالحماسة الدينية التي ظهرت في هجوم هار نوف صدى للحماسة الدينية في سورية والعراق؛ والسكين التي استخدمت في الهجوم صدى للسكين التي ظهرت في أشرطة اليوتيوب. والخوف العميق هو نظراً لكون إسرائيل محاطة بنيتروغليسرين الإسلام الردايكالي، أن تتحول القدس إلى فتيل متفجر، ينطوي على خطر لم يسبق له مثيل.

•والسؤال المطروح هو: أين القيادة. لقد كان حريّاً بحرب 2014 ضد غزة أن تجعلنا نتذكر أن الفراغ السياسي فراغ مظلم. فإذا لم يكن في الشرق الأوسط حركة تفتح أفقاً وتحمل أملاً، يحدث سقوط مصدره اليأس إلى حفرة عنف. لقد تعلمنا ذلك في حرب الاستنزاف وفي حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] وفي الانتفاضتين. وحتى عندما لا تكون هناك حظوظ للتوصل إلى اتفاق سلام يحمل معه التفاؤل، فهناك حاجة إلى عملية سلام تمنع الحرب، وثمة حاجة إلى أساس سياسي ناظم يضمن الاستقرار ويكبح التدهور.

•لكن منذ مغادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إسرائيل- فلسطين في الربيع، فلا وجود لهذا الأساس الناظم. كما لا وجود لزعامة تأخذ المبادرة وتوقف الدوامة. لقد كان الفراغ السياسي مطلقاً وقاتلاً وأدى أولاً إلى الحرب في غزة، وهو الآن يتسبب بالتصعيد في القدس.

 

•لذا يجب أن توقظنا الجريمة الأخيرة جميعاً: الإسرائيليين والفلسطينيين والأميركيين والأوروبيين، لأننا إذا لم نطرح مبادرة سياسية جديدة واقعية ومبتكرة فوراً، فإن العنف سيجرّ المزيد من العنف والكراهية سيتبعها المزيد من الكراهية وصولاً إلى الكارثة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2016