•صرح الرئيس الأميركي جورج بوش، قبل أقل من عام، أن الولايات المتحدة ستبدأ حواراً مع إيران، وستعرض عليها مكافآت اقتصادية ودبلوماسية، إذا ما تخلت عن برنامجها النووي. إلاّ إن بوش لم يعلن تخليه عن العصا ولم يلوّح [للرئيس الإيراني محمود] أحمدي نجاد بالجزرة عندما رد لأول مرة أمس على تقرير ست عشرة هيئة استخبارية أميركية أكّد أن إيران تخلت عن مشروعها النووي العسكري، وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يصدق التقرير الذي وضع على طاولته.
•لقد أوضح الرئيس بوش، بصورة لا تقبل التأويل، أنه من الآن وصاعداً سيحارب نية إيران مراكمة الخبرة الفنية النووية. صحيح أن الرئيس بوش لن يغيّر سياسته، لكن الواقع لديه، داخل البيت الأبيض، تغير كثيراً بعد التقرير. لا يوجد احتمال الآن بأن يمكّنه الكونغرس من شن حرب على إيران، كما أن قدرته على تشديد العقوبات آخذة في التلاشي، إذ إن الصين وروسيا وكذلك أوروبا لا توافق على ذلك.
•لقد سبق لعدد من الجهات أن دعت بوش إلى التخلي عن سياسة "محور الشر"، وإلى محاولة إجراء حوار مع إيران، وذلك قبل نشر التقرير. وبرز منهم بيل كلينتون ومادلين أولبرايت وأيضاً صديق عائلة بوش، وزير الخارجية الأسبق، جيمس بيكر، الذي كتب تقريراً كاملاً بشأن وجوب الحوار مع الأعداء بما في ذلك إيران، إذ إن من شأن حوار أميركي ـ إيراني أن يكون جيداً للولايات المتحدة وأيضاً لإسرائيل.
•يبقى من المهم أن نشير، بعد ذلك كله، إلى أن تقويمات الاستخبارات الأميركية لم تكن دقيقة خلال الأعوام القليلة الماضية، فقد قررت خطأ أن العراق يمتلك أسلحة كيماوية ـ بيولوجية، وهو ما منح الإدارة الأميركية مبرر شن الحرب عليه. كما أن هذه الاستخبارات لم تعرف بالمنشأة النووية السورية، ولا بالمشروع النووي الليبي المتقدم.