إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع الفلسطيني إلى أجزاء والفلسطينيون يساعدون في تكريس الظاهرة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•انتبهوا إلى مجموعة الأنباء التي نشرت خلال يوم واحد في الأسبوع الماضي: طواقم المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية تبحث في صوغ إعلان نيات لعرضه على مؤتمر أنابوليس؛ النائب الأول لرئيس الحكومة، حاييم رامون، يكرر خطته الداعية إلى سلخ "الأحياء النائية" في القدس عن النطاق الإداري لبلديتها ويثير ضجة؛ اللجنة الاقتصادية التابعة للكنيست تبحث مشروع قانون يسمح للكيرن كاييمت ليسرائيل (الصندوق القومي الإسرائيلي) بتأجير أراضٍ لليهود فقط؛ إطلاق صاروخ كاتيوشا من قطاع غزة يثير جدلاً صاخباً ويطرح مسألة احتلال بعض المناطق في القطاع.

•يمكن فهم الصلة بين جميع هذه الأنباء والأحداث كما لو أنها من قبيل المصادفة. لكن فحصاً معمقاً سيكشف عملياً أن الكلام يدور على جوانب مختلفة مما يسمى بـ"المشكلة الفلسطينية". فقد أصبحنا نجزئ هذه المشكلة إلى شظايا من القضايا كي لا نتعب أنفسنا من منطلق الافتراض "أن معالجة الأمور الصغيرة مريحة أكثر".

•أصبحنا معتادين جداً على نموذج التجزئة إلى درجة نسينا معها أننا حطمنا خلال الأجيال الثلاثة الفائتة الشعب الفلسطيني نفسه إلى مجموعات هامشية، ولم نكتف بتجزئة "المشكلة" إلى عدة عناصر. وليس هذا فحسب بل جعلنا الفلسطينيين يقبلون هوية متشرذمة، ويستسلمون لجدول الأعمال الذي أمليناه عليهم.

•يصارع المشاركون الفلسطينيون في المفاوضات التمهيدية لمؤتمر أنابوليس لتحقيق أوضاع جيدة لنحو ربع الشعب الفلسطيني. أما مصير الشظايا الأخرى، الغزيون، الفلسطينيون ـ الإسرائيليون، الشتات الفلسطيني سكان القدس الشرقية، فسيعالجه آخرون.

•بفضل هذه التجزئة في إمكان الإسرائيليين فرض سيطرتهم على جميع أنحاء أرض إسرائيل، وهذه السيطرة تشكل بوليصة تأمين ضد "الخطر الديمغرافي" الذي سيتحقق عندما يصبح الفلسطينيون، في القريب العاجل، غالبية في المناطق الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.

 

•في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي تم انتهاج سياسة التجزئة نحو الأقلية الصغيرة المسماة "عرب إسرائيل". وهي تُنتهج الآن بدهاء أكبر نحو 5 ملايين فلسطيني من دون أن تثير أدنى اهتمام. إن الفلسطينيين يحتاجون إلى جوزيف غاريبالدي في سبيل توحيدهم، لا إلى نيلسون مانديلا.