اختبار التاسع عشر من تموز/يوليو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•هناك وثيقة مهمة لم تعرها لجنة فينوغراد ولا معظم التحقيقات والكتب المتعلقة بحرب لبنان الثانية أي اهتمام، وهي خلاصة اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية في يوم 19 تموز/ يوليو 2006، والممهورة بتوقيع يسرائيل ميمون، سكرتير الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت.

•في هذه الوثيقة حدد المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية أهداف الحرب على جبهتَي جنوب لبنان وقطاع غزة. ففيما يتعلق بالجبهة اللبنانية قرر الوزراء مواصلة "القتال المكثف ضد منظمة حزب الله، بما في ذلك التعرض لبنيتها التحتية، بهدف إعادة الجنديين المختطفين إلى إسرائيل، وإيقاف إطلاق الصواريخ على البلدات والأهداف الإسرائيلية، وإزالة تهديد الصواريخ كلياً".

•كما أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية حدد مبادئ الحل السياسي للأزمة وهي، علاوة على إعادة الجنديين المختطفين إلى إسرائيل من دون قيد أو شرط، وعلى وقف إطلاق الصواريخ، "التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1559، والذي يشمل نزع سلاح الميليشيات جميعها، وفرض سيادة الحكومة اللبنانية على أنحاء لبنان كلها، ونشر الجيش اللبناني على طول الحدود مع إسرائيل".

•صحيح أن التقرير النهائي للجنة فينوغراد تطرق إلى هذه الوثيقة، إلا إنه لم يتوقف عندما كان يجب أن يترتب عليها. إن الذي قام بذلك هو طاقم التحقيق الذي ترأسه دان شومرون، رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق، ود. حنان شفارتس، الذي حقق في أداء هيئة الأركان العامة في أثناء الحرب. ولم يجد كلاهما أي صلة بين الأهداف التي وضعتها المؤسسة السياسية في 19 تموز/ يوليو 2006 وبين الخطوات اللاحقة للجيش الإسرائيلي. وكانت النتيجة عدم تفعيل قوات الجيش الإسرائيلي بصورة تؤدي إلى خفض إطلاق صواريخ الكاتيوشا على الجبهة الإسرائيلية الداخلية.

•تجدر الإشارة إلى أن شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة صاغت، في 13 تموز/ يوليو 2006، "الهدف الاستراتيجي" للحرب، بحسب رؤية الجيش الإسرائيلي، وهو "تعزيز الردع الإسرائيلي في المنطقة، ووقف الإرهاب من الأراضي اللبنانية، ودفع حكومة لبنان نحو تطبيق مسؤوليتها السياسية وفقاً للقرار 1559، وممارسة الضغط من أجل إعادة الجنديين المختطفين وإلحاق ضربة قوية بحزب الله".

•المشكلة هي أن الجيش الإسرائيلي اكتفى بتفحص أدائه بحسب وثيقة 13 تموز/ يوليو، ولم تقارن هذا الأداء بالأهداف التي صاغتها المؤسسة السياسية الإسرائيلية في وثيقة 19 تموز/ يوليو، التي يبدو الفشل قياساً عليها أكبر بكثير. غير أن الأنكى من ذلك هو أن بضعة ضباط في هيئة الأركان العامة لم يكتشفوا أمر وجود وثيقة ميمون إلا بعد انتهاء حرب لبنان الثانية بشهرين. ومن المثير للغرابة أن لجنة فينوغراد لم تتطرق، في تقريريها الجزئي والنهائي، إلى هذه الوثيقة المتعلقة بعلاقة التعاون والتنسيق بين المؤسستين السياسية والعسكرية.

•يجب أن نشير أيضاً إلى أن اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية في 19 تموز/ يوليو 2006 تطرق إلى الأوضاع في الجبهة الجنوبية. وقد وضع الوزراء الأهداف التالية: "وقف العمليات الإرهابية، والحد من إطلاق صواريخ القسام، والإفراج عن الجندي المختطف (غلعاد شليط) من دون قيد أو شرط". وتبدو هذه الأهداف، بعد عام وسبعة أشهر، بعيدة عن تحقيقها، تماماً كما كانت في وقت عقد الاجتماع إياه. 

 

•يمكن القول، إذا ما أردنا أن نختبر الأداء بناءً على وثيقة 19 تموز/ يوليو، إن إسرائيل فشلت في غزة كما فشلت في لبنان، ومسؤولية الفشل في الجبهتين هي سياسية أكثر منها عسكرية.