•"يتعين علينا، على المستوى العسكري الاستراتيجي، أن ندرس لماذا تؤدي عملياتنا العسكرية إلى تعاظم قوة حركة "حماس"، بدلاً من إضعافها والمس بمكانتها. لم يتم الحفاظ على قاعدة مهمة في حرب العصابات، وهي التطلع إلى عزل منظمات المقاومة عن مصدر قوتها الكامن في التأييد الشعبي لها، وإلى المس بشرعيتها. وعلى الرغم من الإنجازات الفورية التي تحققت، فإن التطور على المدى البعيد هو تعاظم قوة العدو" ـ هذا التحليل المحبط كتبه قائد فرقة غزة، العميد موشيه تمير. وقد كُتب في الأصل عن حزب الله في جنوب لبنان، غير أنه ينطبق تماماً على "حماس".
•إن الاستنتاج المترتب على هذا التحليل هو أن إسرائيل مُنيت بفشل ذريع في مواجهة "حماس" في قطاع غزة. وقد ساهمت المؤسسة السياسية في هذا الفشل، لأنها لم تضع هدفاً محدداً للجيش الإسرائيلي، وهو وقف إطلاق النار بالكامل على النقب الغربي. صحيح أن من المشكوك فيه أن يكون هناك طريق عسكرية لتحقيق هذا الهدف، غير أن المؤسسة السياسية لم تضع هدفاً كهذا قط.
•كما أن الجيش الإسرائيلي نفسه لا يقدم الحل المطلوب لهذا الوضع المعقد في مواجهة "حماس". فعلى الرغم من نجاح أغلبية العمليات العسكرية الصغيرة في غزة، فإنها لا تنطوي على تحقيق أهداف مهمة. وفي آخر مرة أطلقت فيها المؤسسة السياسية العنان للجيش الإسرائيلي، عندما سمحت له قبل نحو شهرين بأن يشن عملية عسكرية واسعة نسبياً، هي عملية "الشتاء الحار"، ارتكبت خطأً فادحاً تمثل في سقوط أكثر من مئة قتيل في الجانب الغزاوي، بينهم عشرات المدنيين الأبرياء.
•إن أحداث الأسابيع القليلة الفائتة تدل، بطبيعة الحال، على عدم ترميم قوة الردع الإسرائيلية بعد عملية "الشتاء الحار". بل على العكس من ذلك، فإن أوساطًا أمنية إسرائيلية كثيرة تقول إن هذه العملية ألحقت أضرارًا بعيدة المدى بإسرائيل، مثل حرب لبنان الثانية وربما أكثر، إذ إنها عززت المفهوم السائد في العالم العربي أن إسرائيل "تفهم لغة القوة فقط" وأن "جبهتها الداخلية ضعيفة".
•استكمل الجيش الإسرائيلي، في الفترة القليلة الفائتة، استعداداته كلها لعملية عسكرية متوقّعة في غزة، لكن إمكان إعطاء ضوء أخضر للقيام بها قبل عيد الفصح [العبري] واحتفالات عيد الاستقلال الستين ضئيل للغاية، إلا إذا أسفر إطلاق صواريخ القسّام عن سقوط عدد كبير من الضحايا، أو نجحت "حماس" في تنفيذ عملية اختطاف أخرى.