قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه غير مستعد لتقديم تنازلات من شأنها تعريض دولة إسرائيل إلى الخطر تحت وطأة أي ضغط يمارس عليه.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه في سياق كلمة ألقاها في الاجتماع الخاص الذي عقدته الهيئة العامة للكنيست أمس (الأربعاء) لإحياء ذكرى الوزير الإسرائيلي الأسبق رحبعام زئيفي ["غاندي"] الذي اغتاله ناشطون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، غداة قيام مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية رفض الكشف عن هويته، بوصف نتنياهو بأنه جبان بائس، وتأكيده أنه لا يهتم إلا ببقائه السياسي ولن يفعل شيئاً من أجل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين أو مع الدول العربية. وأدلى المسؤول الأميركي بهذه الأقوال للصحافي اليهودي الأميركي جيفري غولدبرغ الذي نشرها على الموقع الإلكتروني لمجلة "أتلانتيك" الأميركية.
وأكد رئيس الحكومة أنه يجب إدراك حقيقة أن مصالح إسرائيل العليا وفي مقدمها الأمن ووحدة القدس لا تتصدّر اهتمامات الجهات المجهولة التي تهاجم الحكومة الإسرائيلية وتهاجمه شخصياً. وأشار إلى أن سبب هذا الهجوم يعود إلى دفاعه عن دولة إسرائيل، وإلى أنه لو لم يدافع عن الدولة ولو لم يصرّ بحزم على حماية مصالحها الوطنية والأمنية، لما كان تعرّض لهذا الهجوم. وشدّد على أنه على الرغم من كل هذه الهجمات سيظلّ مدافعاً عن الدولة وعن المواطنين الإسرائيليين كافة.
في الوقت عينه أكد نتنياهو أنه يحترم ويقدّر علاقات إسرائيل العميقة مع الولايات المتحدة، وأشار إلى أنه منذ إقامة الدولة كانت هناك جدالات احتدمت بينها وبين الولايات المتحدة وستتبعها جدالات أخرى في المستقبل أيضاً، لكنها لا تأتي على حساب هذه العلاقات العميقة بين الشعبين والدولتين. وقال إن هذا الأمر يتجلى المرة تلو الأخرى وخلال العام الجاري أيضاً في ازدياد نسبة دعم الجمهور الأميركي لدولة إسرائيل.
وتطرّق نتنياهو إلى مساهمة زئيفي في الدفاع عن أمن إسرائيل وسكانها، فقال إن الأخير كرّس أفضل سني حياته لحماية البلد وحراسة حدوده، وكان يعلم أن الصراع الدائر مع أعداء الدولة ليس صراعاً أمنياً عسكرياً فحسب وإنما هو أيضاً كفاح من أجل إثبات عدالة طريقها وعدالة حقوق اليهود التاريخية في أرض إسرائيل وداخلها. وأكد أن هذين التحدّيين ما زالا يشغلان بال زعماء الدولة الآن تماماً كما كانت عليه الحال في الماضي، إذ إن الدولة ما تزال تواجه منذ استقلالها قبل 67 سنة تحديات ملحوظة لأمنها في الشرق الأوسط الذي بات يغيّر وجهه، حيث رفع التشدّد الإسلامي رأسه فيما أصبحت امتداداته تتسابق إلى المغالاة في التطرّف. ولفت إلى أنه يكفي إلقاء نظرة على أحدث خرائط للعراق وسورية لاستيعاب الفوضى العارمة التي يُحدثها أنصار فكرة دولة الخلافة في هذين البلدين، وصارت الأعلام السوداء ترفرف فيما يتم سفك الدماء فيهما.
وقال نتنياهو: "وإزاء التهديدات المتراكمة في المنطقة المحيطة بنا، فنحن مصممون على الدفاع عن أنفسنا كلما تطلّب الأمر. ويتم ذلك أولاً من خلال حماية حدود الدولة، ناهيك عن حماية أمنها الداخلي. وقد قدم زئيفي مساهمة مهمة في إرساء العقيدة الأمنية هذه، إذ ما زال أصحاب الأقدمية لدينا يذكرون سنوات ما بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967] والهجمات التي كانت تتوالى انطلاقاً من الحدود الأردنية، حيث توصلنا إلى بعض الاستنتاجات. وقد أنجزنا أخيراً مشروع إنشاء السياج على طول حدودنا مع سيناء ويمتدّ لأكثر من 200 كيلومتر، وكان ذلك مشروعاً هندسياً ضخماً يساهم في التصدي لعمليات الإرهاب من سيناء ولعمليات توغل المتسللين غير الشرعيين في أراضي دولة إسرائيل. كما أننا نحرص بشكل مماثل على تعزيز الأمن في حدودنا الأخرى".
وأضاف أن إسرائيل تواجه حالياً هجمة تستهدف مجرد حقها في الوجود، إذ هناك من يُنكر بشدة ارتباط شعب إسرائيل بأرضه برغم أن هذه الصلة كانت قد بدأت قبل 4000 عام في أرض إسرائيل وقبل 3000 عام في عاصمة إسرائيل، وهناك مَن يرفض الاعتراف بحق شعبها في أن تكون له دولة قومية خاصة به. وأكد أن رفض الاستعداد للاعتراف بحق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة قومية كان وما زال أصل النزاع، كما أن هناك مَن يتهم جنود الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، حتى في الوقت الذي تدافع فيه إسرائيل عن نفسها وتتقيّد بأخلاق لا مثيل لها إزاء الاعتداءات الصاروخية والأنفاق الإرهابية والعدو المتعطّش للدماء الذي يستخدم أطفاله دروعاً بشرية، وهو غير مكترث بتراكم هؤلاء الضحايا بل ربما بالعكس، لكونه معنياً بمزيد من الضحايا من أبناء شعبه.
وأكد رئيس الكنيست يولي إدلشتاين في مستهل اجتماع الهيئة العامة أن الأقوال المهينة التي توجهها الولايات المتحدة إلى رئيس الحكومة تشكل إهانة لجميع مواطني إسرائيل.
وأضاف أن الانتقادات الأميركية تشكل اجتيازا لجميع الخطوط ومن الأجدر الحفاظ على الاحترام المتبادل في العلاقات الدبلوماسية بين الدول. ومع ذلك أكد إدلشتاين أن التطورات الأخيرة لن تؤدي إلى ضعضعة العلاقات الإسرائيلية- الأميركية.
وأعرب وزير المال يائير لبيد عن اعتقاده بأنه يتوجب على المسؤولين في القدس وواشنطن احتواء الأزمة بين البلدين من وراء الكواليس لأن العلاقات بينهما لها أهمية استراتيجية.
وقالت عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش [العمل] إن رئيس الحكومة يتحمل إلى حدّ كبير المسؤولية عن تدهور العلاقات بين واشنطن والقدس بسبب سلسلة من الخطوات الاستفزازية. وأشارت إلى أنها تخشى احتمال أن يكون نتنياهو مستعداً للتضحية بالحلف الاستراتيجي بين البلدين من أجل مكاسب سياسية ضيقة.