إعادة الهدوء إلى القدس لن تتحقق باستخدام المزيد من القوة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•شكلت عملية الدهس التي جرت أول من أمس، وأدت إلى مقتل الطفلة حايه زيسل بار أون وإصابة سبعة آخرين ذروة موجة العنف التي تعصف بالقدس منذ ثلاثة أشهر. فالمظاهرات العنيفة ورشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمواجهات مع الشرطة لم تتوقف منذ مقتل الفتى محمد أبو خضير في مطلع تموز/يوليو الماضي. 

•في أعقاب علمية الدهس دعا أمس سياسيون من اليمين على رأسهم رئيس الحكومة إلى تشديد القبضة ضد مثيري الشغب. وفي النقاشات التي أجراها نتنياهو جرت الموافقة على زيادة كبيرة في القوى البشرية والإمكانات التكنولوجية المخصصة لشرطة القدس، بهدف منع تدهور الوضع. بيد أن الحل في القدس لن يتحقق من خلال استخدام المزيد من القوة والإخضاع. 

•في جلسة الأمس كرر رئيس الحكومة العبارة الفارغة "القدس الموحدة كانت وستبقى عاصمة إسرائيل إلى الأبد"، وتعهد بإعادة الهدوء والأمن إلى القدس، والرد بشدة على "كل محاولة للمس بسكانها". كما هاجم نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واتهمه بأنه هو الذي ينظم ويوجه أطفال الحجارة في القدس، وانتقد المجتمع الدولي بسبب "رخاوته" وقال: "لا يوجد عندنا مثل هذه الرخاوة. سنتمسك بحقوقنا وواجباتنا في الدفاع عن عاصمتنا، وسنفعل ذلك بقوة، وسننتصر". 

•بيد أن العنف في القدس لم يولد من فراغ، ولن ينتهي جرّاء "التصميم" الذي يبديه رئيس الحكومة. 

•إن جذور هذا العنف مغروسة عميقاً في مشاعر اليأس والخوف لدى السكان الفلسطينيين في المدينة، فانهيار العملية السياسية، والدعوات إلى تغيير الوضع القائم في جبل الهيكل [الحرم القدسي]، والإهمال المتعمد للأحياء الفلسطينية من جهة، مقابل التشجيع الرسمي لتوسيع المستوطنات في قلب هذه الأحياء من جهة أخرى، كل ذلك يشكل المستنقع الذي ينمو فيه العنف والإرهاب. 

 

•إن تجاهل جذور المشكلة والتشديد على تطبيق القانون والعقاب لن يحلا المشكلة بل من شأنهما أن يفاقماها، فالمطلوب هو طرح أفق سياسي يجري في إطاره طرح إحدى أهم المسائل الجوهرية في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، ألا وهي مكانة مدينة القدس.