من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•يؤكد الخبر الذي نشرته في الفترة الأخيرة صحيفة "الأخبار" اللبنانية، التي تعتبر مقربة من حزب الله، الافتراضات الإسرائيلية بأن التنظيم الشيعي استأنف نشاطه العسكري العلني بالقرب من الحدود مع إسرائيل. ومن المعلوم أن عودة مقاتلي الحزب إلى جنوب لبنان تشكل خرقاً لقرار مجلس الأمن 1701. وإلى جانب الخطوات التي أعلن الحزب مسؤوليته عنها مثل تفجير عبوتين ناسفتين في هار دوف [مزارع شبعا] قبل أسبوعين، فإن عودة مقاتلي الحزب تكشف تغيراً مثيراً للقلق في سياسته قد تكون لها على المدى البعيد انعكاسات سلبية من وجهة نظر إسرائيل.
•في 7 تشرين الأول/أكتوبر فجّر حزب الله عبوتين ناسفتين، في قوة من لواء غولاني ومن وحدة تفكيك العبوات في سلاح الهندسة. وأصيب خبيرا متفجرات في الجيش الإسرائيلي من جراء انفجار العبوتين بالقرب من الحدود مع لبنان. وأعلن حزب الله في وقت لاحق أن هذه العملية أتت رداً على تفجير جهاز تجسس إسرائيلي كان خبير المتفجرات في الحزب يقوم بتفكيكه في جنوب لبنان في 5 أيلول/سبتمبر.
•يشار إلى أن القرار 1701 المتخذ في آب/أغسطس 2006 في نهاية حرب لبنان الثانية، يمنع انتشار عناصر مسلحة من حزب الله جنوبي نهر الليطاني. وإعلان الحزب عن وضع العبوات يؤكد عملياً خرق القرار، وهذا ما كان الحزب يتجنب القيام به بصورة علنية حتى الآن. في منتصف أيلول/سبتمبر وزّع الجيش صوراً تُظهر عناصر الحزب بالقرب من الحدود مع إسرائيل يقومون على ما يبدو بجمع معلومات استخباراتية تتعلق بتحركات قوات الجيش الإسرائيلي.
•يأتي الاعتراف غير المباشر لكن الواضح للحزب بخرق القرار 1701، بعد سلسلة خطوات على الأرض. وفي الواقع، فإن العبوتين اللتين فجرتا في مطلع تشرين الأول/أكتوبر كانتا أكثر تطوراً وأشد فتكاً من العبوة التي فجرها الحزب الشيعي في المنقطة عينها في آذار/مارس من هذه السنة، وأدت حينها إلى اصابة مركبة عسكرية من دون وقوع اصابات. وهذه المرة لو لم تتحرك وحدة الجيش الإسرائيلي بحذر لدى اقترابها من العبوات لتسبب التفجير بوقوع عدد لا بأس به من القتلى.
•إن هذه التقديرات تتطلب إعادة النظر في التوجه السائد في إسرائيل القائل بأن حزب الله ما يزال مرتدعاً بعد حرب 2006، وبعد القوة العسكرية التي استخدمتها إسرائيل هذا الصيف ضد "حماس" في غزة، وأنه غير معني بمواجهة مع إسرائيل بسبب غرقه حتى رأسه في الحروب الشيعية - السنية في لبنان وسورية والعراق.
•مما لا شك فيه أن زرع العبوات الأخيرة كان مجازفة كبيرة من جانب حزب الله. فإذا كان تقدير قيادة الحزب أن الهجوم سينجح، فمعنى هذا أنها كانت مستعدة لأن تأخذ في حسابها خوض جولة عنف جديدة مع إسرائيل (التي لا بد سترد على مقتل جنودها)، إن لم تكن حرباً حقيقية. ومثل هذا السلوك يكشف ثقة الحزب الكبيرة بنفسه في ضوء الخبرة العسكرية التي اكتسبها مقاتلوه الذين شاركوا ضمن وحدات كبيرة في الحرب الأهلية في سورية.
•ومن المحتمل أن يكون هناك تفسير آخر لسلوك حزب الله هو الرغبة في صرف الأنظار عن الصراع الداخلي في لبنان حيث يتكبد الحزب خسائر كبيرة على يد تنظيمات سنية متشددة مثل الدولة الإسلامية (داعش)، أو هو محاولة من جانب الحزب أعلنها قبل أشهر، لإيجاد توازن جديد للردع في مواجهة إسرائيل، لمنعها من العمل ضده داخل لبنان.
•تطرح التطورات الأخيرة السؤال التالي: ماذا يريد حزب الله أن يحقق من خلال قيامه بعملية مباشرة ضد الجيش الإسرائيلي في هار دوف [مزارع شبعا]؟ وهل التجربة القتالية التي اكتسبها في سورية ستترجم في أساليب قتالية جديدة وأنماط مختلفة من العمليات في حال نشوب مواجهات مستقبلية مع إسرائيل؟ وكيف ينظر الحزب إلى هذه المعركة في ضوء تسلحه الكثيف خلال السنة الأخيرة، بالصواريخ القصيرة المدى ذات الرؤوس الحربية الكبيرة؟ (مما يدل على استعداده لأن يقصف المناطق القريبة من الحدود خلال الحرب بعنف).
•استناداً إلى مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين الكبار، فإن المؤسسة الأمنية لا ترى تغييراً جذرياً في مصالح حزب الله أو في خططه، وأن الحزب لا ينوي المبادرة إلى مواجهة مع الجيش الإسرائيلي. لكن من الصعب أن ننسى أن الثقة الكبيرة في النفس هي التي دفعت الحزب في 2006 إلى ارتكاب خطأ خطف الجنود الاحتياطيين الذي أدى حينها إلى نشوب الحرب. ويجب ألا نستبعد أبداً احتمال تكرار هذا الخطأ في التقدير.