لا توجد أي صلة بين قضية إعمار غزة والمفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•افتتح في العاصمة المصرية القاهرة هذا الأسبوع المؤتمر [الدولي] الذي يرمي إلى تناول سبل إعادة إعمار قطاع غزة. ويرغب كثير من المتحدثين في هذا المؤتمر بمن فيهم الرئيس المصري ووزير الخارجية الأميركي، أن يستغلوا منصة المؤتمر لمعاودة المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية حول الاتفاق الدائم. 

•وينضم إلى هؤلاء بحماسة أشخاص من الحلبة السياسة الإسرائيلية، بل ثمة في هذه الحلبة من اتخذ من الخطاب الضبابي الذي ألقاه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ذريعة للحث على تبني مبادرة الجامعة العربية.

•ومثلما جرت العادة حدثت هنا بلبلة لا لزوم لها، ولذا هناك ضرورة لأن نميّز على نحو واضح بين ثلاثة موضوعات مختلفة وهي: إعمار غزة، ومعاودة المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، والمبادرة العربية.

•ما هي السياسة الصحيحة التي يجب إتباعها تجاه غزة؟ ليس لدى إسرائيل أي مصلحة جغرافية أو اقتصادية أو سياسية في غزة، ومكانة السلطة الفلسطينية في غزة تظل شأناً فلسطينياً داخلياً، أو شأناً عربياً داخلياً أو دولياً، لكنها بالتأكيد ليست شأناً إسرائيلياً. وفيما يتعلق بغزة ليست لدينا سوى مصالح أمنية، والحديث يدور حول مصلحتين اثنتين هما: أن يكون هدوء، وأن يتم المساس بإمكان أن تعيد حركة "حماس" بناء قدراتها العسكرية.

•بناء على ذلك، يتعين على إسرائيل ومن دون أي صلة بمسألة عدم حضورنا المؤتمر في القاهرة، أن تبدي أكبر قدر من السخاء والأريحية وأن توافق على توسيع النشاط الاقتصادي مع غزة وأن يشمل ذلك كل ما يتعلق بتزويدها بالكهرباء والمحروقات والمياه (المحلاة). وأكثر من ذلك، تستطيع إسرائيل أن توافق على أن يُقام في مرحلة ثانية ميناء في غزة، بشرط أن تكون إقامته مرهونة بإيجاد منظومة موثوق بها لتجريد القطاع من السلاح. ولا شك في أن إقامة ميناء كهذه ستستغرق أعواماً طويلة، وستشكل إقامته فرصة تجعل من الأصعب على "حماس" أن تطلق النار على إسرائيل في المستقبل وأن تعرض للخطر مشروعاً باهظ الكلفة. فضلاً عن ذلك، فإن مجرد وجود ميناء لا يشكل خطراً، والذي يحدد حجم الخطر هو النظام البحري الذي يمكن الاتفاق عليه كجزء من صفقة شاملة.

•بطبيعة الحال لا توجد أي صلة بين قضية إعمار غزة والمفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية التي وصلت إلى طريق مسدود قبل نصف عام، قبل عملية خطف الشبان الإسرائيليين الثلاثة [المستوطنين] وقتلهم، وعملية "الجرف الصامد" العسكرية. وقد وصلت هذه المفاوضات إلى طريق مسدود لا بسبب غزة ولا "حماس" وإنما من جراء وجود فجوات واسعة بين مواقف الجانبين فيما يتعلق بمستقبل يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ولا أفهم لماذا يوجد من يعتقدون أن التوصل إلى تسوية في غزة متعلقة بمعاودة المفاوضات، ولا أفهم أيضاً كيف يمكن التوصل فجأة إلى "حل الدولتين" على أساس خطة فشلت منذ عشرين عاماً.

•إن ذلك يفضي بنا إلى الموضوع الثالث وهو المبادرة العربية من سنة 2002. وفقاً لهذه المبادرة تعترف الدول العربية كلها بدولة إسرائيل بعد (فقط بعد!) أن تنسحب إلى خطوط 1967. والحديث لا يدور فقط حول انسحاب كامل من يهودا والسامرة، وإنما أيضاً حول انسحاب كامل من هضبة الجولان. فهل يعتقد أحد أن إسرائيل تستطيع أن توافق الآن على انسحاب كامل من الجولان؟ من الواضح أن مبادرة الجامعة العربية في إطارها الحالي لم تعد تشكل محركا لحوار [عربي] جادّ مع إسرائيل.

 

•إن ما يجب استخلاصه من ذلك استنتاجان: الأول، أن من الصائب أن نتناول غزة على أنها شأن منفصل، وأن نوافق بسخاء على كل طلب ما لم يناقض مصالحنا الأمنية؛ الثاني، أن معاودة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية- سواء من خلال حوار مباشر أو بصفتها جزءاً من السعي للتوصل إلى تسوية إقليمية- تستلزم طرح أفكار جديدة. وفي هذا الشأن يمكن القول إن فكرة توسيع غزة إلى داخل شبه جزيرة سيناء التي نسبت إلى الرئيس المصري مثيرة للاهتمام. في مقابل ذلك فإن العودة إلى مفاهيم قديمة ومعروفة بما في ذلك مبادرة الجامعة العربية مجرد مضيعة للوقت.