من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن حادث الثلاثاء [7/10/2014] الذي أدى إلى إصابة جنديين في الجيش الإسرائيلي بجروح من جراء انفجار عبوة ناسفة قرب موقعهما في مزارع شبعا، هو الأخير في سلسلة من الحوادث الحدودية في الشمال خلال الشهر المنصرم.
•بدأت الحلقة الأخيرة من الأحداث بمقتل خبير عسكري من حزب الله وفق تقارير لوسائل إعلام لبنانية، بعد أن فجّرت طائرة بلا طيار إسرائيلية عبوةً ناسفة إسرائيلية كانت مزروعةً بالقرب من مدينة صور في 5 أيلول/سبتمبر.
وبعد أسبوعين، سقطت طائرة بلا طيار إسرائيلية كانت تحلق فوق بلدة مرجعيون اللبنانية. ويوم الأحد، أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي النار على ما قال الجيش إنهم أعضاء في زمرة إرهابية يعتقد أنها مسلحة، عبرت الحدود اللبنانية، مما أسفر عن إصابة شخص واحد.
•إن التصعيد على حدود إسرائيل مع لبنان متّصل بمسارات أشمل تعيشها المنطقة. فبعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011، كثّف النظام السوري تهريب الأسلحة إلى حزب الله في لبنان في مقابل مساعدة التنظيم الشيعي النظام على محاربة قوات المعارضة في سورية.
•وأعلنت إسرائيل أنها لن تسمح بوصول أسلحة متقدّمة إلى حزب الله. وفي أعقاب ذلك، تعرّضت قوافل تهريب أسلحة إلى القصف. ومع أن إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن هذه الهجمات، فإن كلاً من سورية وحزب الله والولايات المتحدة نسبها إلى إسرائيل. لم يردّ السوريون وحزب الله في البداية، لكنهم بدّلوا مقاربتهم في مطلع هذا العام.
•حدثت نقطة التحول عقب اعتداءين اعتبرهما حزب الله بمثابة تصعيد إسرائيلي (مجدداً، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنهما) – اغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس في كانون الأول/ديسمبر [2013]، وقصف قافلة أسلحة في شباط/فبراير [2014] قرب قرية جنتا اللبنانية القريبة من الحدود مع سورية.
•بدأ حزب الله يهدد بالرد على أي اعتداء منسوب إلى إسرائيل. وفي آذار/مارس، انفجرت عبوة ناسفة كبيرة في مزارع شبعا، وأعلن حزب الله مسؤوليته عن العملية. بالإضافة إلى ذلك، سُجّلت سلسلة حوادث تفجير في الجانب السوري من الحدود على هضبة الجولان (منسوبة إلى ميليشيات تابعة للنظام السوري ومدعومة من حزب الله)، وحوادث إطلاق صواريخ من سورية.
•ويُظهر الحادث الأخير مجدداً أنه ينبغي أخذ تهديدات حزب الله على محمل الجدّ، فهذا التنظيم يعمل بلا كلل لترميم ردعه ضد إسرائيل. ويبدو أن تصريحات إسرائيلية حول نجاح عسكري ضد حركة حماس في قطاع غزة لم تردع حزب الله عن تنفيذ اعتداءات ضد قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية.
•وتشير تقارير أولية إلى أن حزب الله فجّر مجموعة من العبوات الناسفة التي زرعها سابقاً، بعد أن رصد فرقة تفكيك متفجرات تابعة للجيش الإسرائيلي وهي تحاول تفكيكها. الأمر الذي أسفر عن إصابة جنديين إسرائيليين بجروح طفيفة.
•إن "الخط الأحمر" الإسرائيلي المتعلق بالاعتداء في الشمال جرى تجاوزه منذ مدة طويلة. فمنذ آب/أغسطس 2013، سُجّل في هذه المنطقة 11 حادث إطلاق صواريخ، وإطلاق نيران خفيفة، وتفجير عبوات ناسفة. وشارك في بعضها جنود من الجيش اللبناني، وفي بعضها الآخر تنظيمات فلسطينية مناوئة لحزب الله وللنظام السوري.
•تميّز الرد الإسرائيلي على هذا الخرق للتهدئة بضبط النفس نسبياً. وفي يوم الاثنين، أطلق الجيش الإسرائيلي نيران المدفعية فقط على مراكز حزب الله، ذلك أن إسرائيل تعي قواعد اللعبة الجديدة في المنطقة [الشرق أوسطية]، وهي مترددة في إشعال نيران سيصعب إطفاؤها لاحقاً.
•كما أن أجندة حزب الله واضحة. وبناءً على طلب إيران، أرسل الحزب أخيراً خبراء عسكريين لمساعدة تنظيمات عراقية شيعية على وقف تقدّم تنظيم "داعش". ولا يزال هناك الآلاف من مقاتلي الحزب بشكل دائم في سورية كجزء من المجهود الحربي للأسد. ويتزايد تململ مقاتلي التنظيمين السنّيين المتشددين، "داعش" و"جبهة النصرة"، المنتشرين على الحدود اللبنانية – السورية [من القعود دون قتال].
•وقد هدّد المتشددون السنّة بقتل الجنود اللبنانيين الأسرى لديهم انتقاماً للهجمات ضدهم في سورية والعراق. وهذا التصميم الإجرامي يجعل الحكومة اللبنانية وحزب الله قلقين.
ومع ذلك، إذا ظنّت القيادة العسكرية الإسرائيلية قبل عام أو عامين أن قوة حزب الله وهنت من جراء انخراطه في الحرب الأهلية في سورية، فهي تدرك اليوم أن ما يجري أكثر تعقيداً. إن حزب الله يخسر حالياً مقاتلين، لكنه يكتسب في الوقت عينه خبرة وثقة. كما أن حزب الله ليس مستعداً لمنح إسرائيل جواز مرور للعمل بحرية في لبنان. ومن المنتظر أن تستمر المعركة الدائرة حول ميزان الردع على الحدود، مع ما يصاحبها من حوادث متفرقة.