تصفية خاطفي الإسرائيليين الثلاثة برهان على أنه لا بديل لضرورة الوجود الاستخباري على الأرض
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

•صحيح أن العملية استغرقت ثلاثة أشهر، لكن مصير مروان قواسمة وعمر أبو عيشه اللذين خطفا وقتلا الشبان من غوش عتسيون كان محسوماً منذ البداية. وبالتالي، فإن مقتلهما في المواجهة التي جرت فجر يوم الثلاثاء مع أفراد الوحدة الخاصة الإسرائيلية هو نتيجة حتمية لعملية الخطف. لقد وضعت هذه المواجهة نهاية لهذه القضية، وكل من كان متورطاً بعملية الخطف أو ساعد في إخفاء جثث الشبان المختطفين اعتُقل أو قُتل خلال مائة يوم من عملية الخطف.

•من الواضح اليوم أن الخاطفين قرروا قتل الشبان بسبب تعقد عملية الخطف في رأيهم. لكن الدرس الأساسي من الطريقة التي انتهت بها القضية، هو أنه برغم الاستثمارات الضخمة للجيش الإسرائيلي وللشاباك في نظم المعلومات المحفوظة في الكمبيوترات، وبرغم تكنولوجيا التنصت، فإنه لا يوجد بديل للسيطرة الكاملة الفعلية للاستخبارات على الأرض. وهنا تكمن قوة المعلومات الاستخباراتية التي يجري الحصول عليها بواسطة استخدام العملاء ومن طريق التحقيقات الطويلة مع المشتبه بهم، وهي التي ساهمت في تقديم المعلومات قطعة قطعة من أجل حل اللغز.

•من السهل الإشارة إلى الفارق بين عملية خطف الشبان في غوش عتسيون ونهايتها (الأليمة)، وقضية خطف غلعاد شاليط في قطاع غزة. ففي قضية شاليط تلمّس جهاز الشاباك طوال خمسة أعوام طريقه في الظلام من دون أن يتوصل إلى معلومات دقيقة عن مكان احتجاز شاليط، ومن دون أن تكون لديه أي قدرة على القيام بعملية إنقاذ.

•في المقابل، فإن قضية خطف الشبان الثلاثة انتهت باعتقال وقتل الخاطفين بسبب وجود الشاباك وقوى الأمن منذ عملية الجدار الواقي في كل نقطة من أنحاء يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ويمكننا اليوم أن نقول إن فك رموز هذه القضية لم يتم بواسطة "معلومة ذهبية"، بل بعد عمل شاق ومكثف على مدار الساعة قامت به طواقم من الشاباك والجيش الإسرائيلي طوال ثلاثة أشهر متواصلة، وحتى خلال ذروة عملية "الجرف الصامد" لم يجر وقف عمل هذه الطواقم خوفاً من فقدان الصلة الاستخباراتية وآثار القتلة الذين كانوا في حال فرار دائم.

•طوال الـ15 عاماً الأخيرة يعتبر الشاباك من أبرز الأجهزة الاستخبارتية في العالم وهو يعمل على معالجة كميات هائلة من المعلومات الاستخباراتية في أجهزة الكمبيوتر. لكن تقريباً على الدوام، فإن حل أسرار القضايا الكبيرة يأتي في نهاية الأمر من خلال العملاء المنتشرين على الأرض ومن خلال تحقيق قوى الأمن مع المشتبه بهم. وحل القضية الأخيرة كان صعباً بصورة خاصة بسبب وجود ما لا يقل عن 20 ألف عنصر من "حماس" في الخليل، بينهم 4500 كانوا معتقلين في السجون الإسرائيلية في فترة ما من حياتهم.

•إن العديد من أعضاء "حماس" في الخليل هم أبناء عشيرة قواسمة الذين يدافعون عن بعضهم البعض. ولحسن الحظ، فإن هذا التضامن لم يكن غير قابل للاختراق، وكما نُشر سابقاً، فإن حسام، أحد أبناء عائلة مروان قواسمة الذي اعتقل قبل أسابيع، هو الذي قدم إلى المحققين بداية الخيط الذي أتاح للشاباك الوصول إلى مخبأ الخاطفين.

 

•ويتضح في النهاية أن مروان قواسمة وعمر أبو عيشة كانا في حال تنقل دائم حتى اليوم الأخير، لكنهما بقيا في منطقة الخليل التي كانت خاضعة لمراقبة استخباراتية مشددة بوسائل لا تحصى. وعندما عُرف مكان وجودهما، استدعى الشاباك الوحدات الخاصة لاعتقالهما لكونها الأكثر خبرة في مثل هذه المهمات. وعلى الرغم من هذا كله، ستواصل أجهزة الأمن تخصيص الجزء الأكبر من ميزانيتها (واهتمامها)، لجمع المعلومات بالوسائل الإلكترونية.