يجب عدم مساعدة الأردن في مواجهة خطر "داعش"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•تقدُّم قوات تنظيم "داعش" في العراق وسيطرة جبهة النصرة القريبة منه على أجزاء من سورية يدفع بالعديد من المعلقين لدينا إلى النظر إلى الأردن بصفته الهدف المقبل للمتشددين الإسلاميين في الشرق الأوسط. ويشير بعضهم إلى أن إسرائيل سيأتي دورها. 

•لا حاجة إلى التعمق في فهم الكتابات الدينية للبرابرة الجدد. يكفي أن نفهم المغزى الجيوسياسي للأحرف الأولى لتنظيم "داعش" أي الدولة الإسلامية في العراق والشام. وبلاد الشام هي "المشرق" أو "سورية الكبرى" التي تضم دول سورية ولبنان والأردن وإسرائيل بحدودها المعروفة اليوم.

•من الواضح أن الأردن دولة صديقة ولدينا اتفاق سلام معها، وهي تحارب الإرهاب وتُعتبر "جنة استقرار" في جهنم الشرق الأوسط. فإذا تعرضت المملكة للخطر من جانب الإسلام المتشدد الذي هو عدونا أيضاً، أليس من الطبيعي أن نمد لها يد المساعدة في وقت الضيق؟ 

•ونظراً إلى أن استمرار بقاء العائلة الهاشمية المالكة مصلحة واضحة لصديقتنا الولايات المتحدة، فمن الواضح أن إسرائيل يجب أن تهبّ لتقدم المساعدة. 

•لكن قبل أن نهبّ للمساعدة، يجب أن نتذكر بضعة دروس من التاريخ قد ننساها في زمن الهستيريا. كما يجب أن نتذكر القفزات السابقة التي قمنا بها لمحاولة التدخل في ما يجري داخل دول عربية. منذ أيام المساعدة الخفية لكردستان، مروراً بالمغامرة اللبنانية الدموية خلال حرب سلامة الجليل، ومن أيام اغتيال الملك عبدالله الأول وحتى اغتيال أنور السادات، يبدو جلياً أن أي مساعدة إسرائيلية معناها الحكم بالموت على الذين نقدم لهم المساعدة.

•وفي الواقع، فإن المجريات "الطبيعية" داخل الدول العربية والإسلامية أقوى بكثير مما تستطيع إسرائيل أن تفعله. وآمل أن يكون كبار أصدقاء المملكة الهاشمية في أوساط حكومة إسرائيل يقصدون بمساعدة الأردن تقديم مساعدة استخباراتية واستراتيجية ولوجستية، وأنهم لا يقترحون أن تتقدم دبابات الميركافا الإسرائيلية إلى حدود الأردن مع العراق وسورية دفاعاً عن عبدالله الثاني.

•مرة واحدة خلال "أيلول الأسود" سنة 1970 أنقذت إسرائيل الملك حسين من خلال الإنذار الذي وجهته إلى سورية بأنها إذا تدخلت في الحرب الأهلية في الأردن إلى جانب عرفات وفتح، فإنها ستضطر إلى مواجهتنا. لقد هزم الملك حسين عرفات وطرده إلى لبنان، ومنذ ذلك الحين تتكاثر الافتراضات. 

•لو سمحت إسرائيل للفلسطينيين بالسيطرة على الأردن، هل سيكون وضعنا أفضل أم أسوأ؟ وهل كنا سنواجه "جبهة شرقية" خطرة، أم أنه ستكون هناك في نظر العالم دولة للفلسطينيين في الأردن؟

•حتى أواخر الثمانينيات، جميع زعماء إسرائيل من اليمين واليسار ومن خلال صيغ مختلفة في تصريحاتهم، وبعض تلك التصريحات واضح للغاية، نظروا إلى الأردن على أنه الدولة القومية الفلسطينية، بدءاً بمناحيم بيغن حتى يستحاق رابين، ومن أريئيل شارون مروراً بموشيه دايان إلى يغآل ألون. 

•مما لا شك فيه أنه في حال سيطرة الإسلام السني المتشدد على الأردن، فإن حدودنا الطويلة والهادئة ستصبح حدوداً نازفة. كما أنه مما لا شك فيه أن ولادة "جبهة شرقية" من جديد ضدنا ستشكل خطراً. لكن البديل من ذلك- مواصلة الضغط الدولي من الخارج والضغوط الداخلية من أجل الاعتراف بقيام دولة فلسطينية في مناطق يهودا والسامرة وغزة- أشد خطورة. فالمسألة مسألة جغرافيا وحقنا في وطننا مسألة أمنية واقتصادية. إن كل من يعتقد أن مثل هذه الدولة الفلسطينية سيصمد في وجه الغزو الإسلامي من سورية والعراق والأردن ساذج أو يدعي السذاجة. فاليوم هناك خلايا للقاعدة في غزة ويهودا والسامرة أكثر مما لها في الأردن. فمن يتخوف من دولة للقاعدة في الأردن، يتعين عليه أن يتخوف أضعاف أضعاف ذلك من مثل هذه الدولة في يهودا والسامرة.

 

•بناء على ذلك، يتعين علينا ألا ننقذ الملك عبدالله إذا اجتاحته عصابة "داعش"، فخلافة "داعش" مصيرها الانقسام إلى كيانات إثنية وعشائرية. ويتعين على إسرائيل أن تدخل مكوناً جديداً إلى المعادلة الخاسرة "دولتان لشعبين غربي الأردن"، وأن تعرف كيف تستبدلها بمعادلة جديدة: "دولتان لشعبين على ضفتي نهر الأردن".