•تدل تجربة الماضي على أن الجيش الإسرائيلي لا يشن عمليات عسكرية كبيرة بقدر ما هو بصورة عامة يستدرج إليها. فهل هذا هو الوضع هذه المرة؟
لا يبدو الأمر كذلك، على الأقل حتى الآن، لكن من المحتمل أن الأسوأ ما يزال أمامنا.
•وفي الواقع، فإن هجمات سلاح الجو التي قام بها هذه الليلة ليست هي رد إسرائيل على مقتل تلامذة اليشيفا الثلاثة. فقد هاجم الجيش 34 هدفاً من بينها 32 موقعاً "لحماس" في جنوب القطاع. رسمياً هذه الغارات مرتبطة بإطلاق الصواريخ على النقب الغربي في الأيام الأخيرة، وليست مرتبطة بأحداث يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
•لكن عملياً، فإن المجلس الوزاري الذي اجتمع الليلة ومن المفترض أن يجتمع مرة أخرى اليوم، أمام معضلة صعبة: فقد تواضعت "حماس" كثيراً في الفترة الأخيرة، وهي تبذل كل ما في وسعها لابعاد نفسها عن عملية الخطف والقتل.
•يمكننا الجزم بأن الشاباك عرف خلال 24 ساعة من يقف وراء اختفاء الشبان، ورجّح أنهم لم يعودوا على قيد الحياة. من الصعب الاعتراف بذلك، لكن لو جرى العثور على الجثث بسرعة لكانت انعكاسات الخطف وراءنا، ولكانت أغلبية الجمهور منشغلة الآن بالمونديال. كما أن حقيقة اعتبار الحادث عملية خطف بث الآمال بإعادة الشبان، وهو الذي يؤدي اليوم إلى توقع رد إسرائيلي واسع وعنيف مثلما هاجم الجيش الإسرائيلي لبنان في 12 تموز/يوليو 2006 بعنف في أعقاب خطف الجنود الاحتياطيين، مما أدى إلى نشوب حرب لبنان الثانية.
إن الجيش الإسرائيلي قادر على القيام بمجموعة واسعة من الردود، لكن السؤال الأساسي هو: ما هي الأهداف التي ستحددها له الطبقة السياسية؟
•إن أمام هذا الجيش هدفين مهمين: "تدفيع الثمن" وردع يقلص احتمال حدوث عمليات خطف في المستقبل. والهدف الثاني هو استغلال الفرصة لضرب ما بقي من البنية التحتية "لحماس" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
•حتى الآن، فإن الثمن الذي دفعته "حماس" ليس بسيطاً. فهناك مئات المعتقلين، وهناك الطوق المفروض على الخليل والهجمات الجوية على قطاع غزة. والهدف من اعتقال عدد من الذين اطلقوا في صفقة شاليط إيضاح أن نتائج الخطف والقتل معاكسة تماماً لما كان يأمله الخاطفون، فبدلاً من إطلاق أسرى جدد إلى جانب الذين حرروا في الماضي، عاد قسم من المحررين إلى السجون.
•لكن ليس أكيداً أن هذا يكفي لتوضيح الرسالة، إذ تحظى "حماس" اليوم بالتأييد وهي تبدو في نظر جزء كبير من الجمهور في المناطق [المحتلة] وكأنها قامت بعملية بطولية في الوقت الذي تبدو فيه السلطة "عميلة".
•على ما يبدو، فإن الرد الرد الإسرائيلي لم يكتمل بعد. ويدل أسلوب العمل الإسرائيلي خلال السنوات الـ15 الأخيرة على أن الطريقة المفضلة للأجهزة الأمنية وللقيادة السياسية هي الاغتيالات المركزة (بما فيها اغتيال زعيم "حماس" الشيخ أحمد ياسين من الزمن قبل عقد ما أدى إلى تقليص حجم الارهاب بصورة كبيرة).
•فهل ستأمر القيادة السياسية هذه المرة باغتيال كبار المسؤولين في "حماس" من أجل "تدفيعها الثمن"؟ وهل ستنجح الاستخبارات في تقديم المعلومات المطلوبة للهجوم، في الوقت الذي يختفي فيه معظم هؤلاء المسؤولين منذ عملية الخطف؟ وهل سترد "حماس" على الغارات التي حدثت ما بين يوم الاثنين والثلاثاء، أم ستضبط نفسها؟ وهل سيؤدي اغتيال مسؤول كبير إلى تجدد القصف على بئر السبع وأشدود وتل أبيب، مثلما جرى خلال عملية "عمود سحاب" في سنة 2012؟ وإلى متى ستستمر مطاردة قاتل الشباب؟
•في هذه الأثناء، يقوم الجيش بتقليص قواته في منطقة يهودا (شارك آلاف الجنود في أعمال تمشيط ولم تعد هناك حاجة لبقائهم هناك). لقد انتهت عملية "عودة الإخوة" [عودة الأبناء]، لكن علامات الاستفهام ظلت أكثر من الإجابات.
•وما يمكن قوله إن الكرة الآن هي إلى حد بعيد في يد "حماس". والاختبار الأول سيكون كيف سترد الحركة على الغارات التي نفذت، وكيف سترد على اغتيال مسؤوليها في حال حدوث ذلك.