•تلقيت أخيراً نشرة خاصة صادرة عن "مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب" تجمِل أعمال الإرهاب والعنف في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] سنة 2013. وللعلم، فإن هذه السنة هي سنة آخر جولة مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية جرت بوساطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
•ووفقاً للنشرة، فإن سنة 2013 شهدت 858 عملية في إطار ما يسميه الفلسطينيون "مقاومة شعبية": عمليات طعن بالسكين وإلقاء زجاجات حارقة، وعمليات دهس، فضلاً عن مئات عمليات إلقاء الحجارة كل شهر، في مقابل 535 عملية كهذه وقعت سنة 2012 التي كان فيها الحوار السياسي شبه معدوم. كما تم سنة 2013 تنفيذ 201 "عملية ساخنة" تتضمن زرع عبوات ناسفة، وإطلاق نار، وإلقاء قنابل يدوية، وأعمال اختطاف، في مقابل 37 عملية من هذا النوع وقعت في السنة التي سبقتها. ونتيجة لهذه العمليات، قتل سنة 2013 في مناطق يهودا والسامرة وداخل الأراضي الإسرائيلية خمسة أشخاص، مدنيان وثلاثة جنود من الجيش الإسرائيلي، في حين أنه في سنة 2012 التي لم يكن فيها حوار سياسي بين الجانبين، لم يُقتل أي مواطن أو جندي إسرائيلي.
•لا شك في أن التحليل المعمّق لهذه المعطيات التي تستند أساساً إلى تقارير جهاز الأمن العام [الشاباك]، من شأنه أن يوصل إلى أربعة استنتاجات رئيسية.
•الاستنتاج الأول، أن نجاعة أعمال الإحباط والردع التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية ملموسة جيداً. ففي سنة 2013 تمكنت هذه القوات من إحباط ومنع نحو 190 عملية مهمة (67 عملية زرع عبوة ناسفة، و52 محاولة اختطاف، و52 عملية إطلاق نار، و16 عملية انتحارية).
•الاستنتاج الثاني، أن دور حركة "حماس" والأسرى الذين تم إطلاقهم في إطار "صفقة شاليط" في كل ما يتعلق بتوجيه "الإرهاب" وتنفيذه حاضر بقوة لدى الجانب الفلسطيني.
•الاستنتاج الثالث (وهو استنتاج مترتب على الاستنتاجين الأول والثاني)، أنه برزت في السنة الفائتة جهود بذلتها المنظمات "الإرهابية" لتنفيذ عمليات لاختطاف إسرائيليين في يهودا والسامرة، ولا سيما على خلفية "صفقة شاليط"، بغية استخدامهم أوراق مساومة من أجل إطلاق أسرى. وجرى الكشف عن هذه الجهود في سلسلة من إحباط أعمال الخلايا "الإرهابية" التي اعترف ناشطوها بأنهم اعتزموا تنفيذ عمليات اختطاف كهذه. وفي الكثير من الحالات، كان هذا الأمر موجهاً من عناصر خارجية، وأساساً من جانب الأسرى الذين أطلقوا ضمن "صفقة شاليط" وأسرى محتجزين في السجون الإسرائيلية.
•الاستنتاج الرابع، أن السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" أيدتا أعمال "الإرهاب" والعنف التي جرت في إطار "المقاومة الشعبية". فقد منحتها السلطة الدعم المالي والإعلامي وعرضتها على نحو مشوّه كما لو أنها مقاومة بوسائل سلمية، وكل ذلك بموازاة المفاوضات السياسية. وفي الوقت عينه، أعربت السلطة و"فتح" عن معارضتهما الكفاح العسكري المسلح، ولكنهما حرصتا على التشديد على أن "خيار الكفاح المسلح" لم يُهمل بتاتاً.
•على خلفية هذه المعطيات، من الصعب عدم الشعور بالتقزّز من موجة التحليلات السياسية التي تغرقنا في الآونة الأخيرة، ويزعم أصحابها أن السبب الرئيسي لعملية اختطاف الشبان الإسرائيليين الثلاثة [المستوطنين] بالقرب من الخليل، يعود إلى أن إسرائيل لم تحرّر الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو، وإلى انعدام أي حوار سياسي، وإلى انهيار كل نظرية الأمن الإسرائيلية "في المناطق" [المحتلة].
•يبقى السؤال: كيف سينتهي حادث الاختطاف؟ لا يمكن لنا أن نعرف. مع ذلك بات من الواضح أن هذا الحادث نزع القناع عن "الحفلة التنكرية" المسماة "حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية". فلا توجد وحدة كهذه بين سلطة محمود عباس وحركة "حماس"، وقطاع غزة هو كيان جغرافي منفصل مع جيش خاص به، ولن تكون لعباس برأيي أي سيطرة عليه في المستقبل.
•وبالنسبة إلى ما يجري شرقي الخط الأخضر، يمكن القول إنه كلما أضعفنا "حماس" في يهودا والسامرة سيعود ذلك بالنفع على شعب إسرائيل. لكن هنا أيضاً من الحماقة القول إن هدف الحملة العسكرية الحالية بموازاة "إعادة الأبناء إلى بيوتهم" العمل على "إبادة حماس". إن هذا الهدف غير واقعي على الإطلاق من ناحية إسرائيل.