لا بديل من واشنطن
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • قبل عامين، وفي اليوم الثامن من عملية "الرصاص المسبوك"، اكتشف الجيش الإسرائيلي متأخراً نقصاً خطيراً في نوع من أنواع العتاد العسكري. طلبت إسرائيل من واشنطن على عجل مساعدتها من أجل اغلاق الثغرة العملانية التي نشأت. لكن الأميركيين الذين يبدو أنهم لم يكونوا مرتاحين من بدء المرحلة البرية للعملية قبل فترة وجيزة من دخول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض، تأخروا في ردههم لمدة 24 ساعة.
  • في الانتظار، عاشت قيادة الأركان العامة للجيش لحظات حرجة. واعتبر الجيش الإسرائيلي أن ما جرى هو عرض عضلات من الولايات المتحدة. إن ما جرى خلال عملية "الرصاص المسبوك" بالمقارنة مع ما قد يجري في الحروب الشاملة المستقبلية هو أمر بسيط نسبياً. فالجيش الإسرائيلي كان متفوقاً تفوقاً كبيراً على حماس، كما إن الخطر الذي تعرضت له الجبهة الداخلية من غزة، كان محدوداً من حيث الحجم والقوة. ولكن في المقابل فإن التبعية الإسرائيلية السياسية والاقتصادية وبصورة خاصة العسكرية للولايات المتحدة كبيرة جداً. وهي تشمل عدداً من المسائل: العتاد العسكري الذي تحتفظ به الولايات المتحدة للطوارىء في مستودعات في إسرائيل، والتزود بطائرات أف - 35، والدعم في مجلس الأمن، والعقوبات الدولية على إيران.
  • بصورة عامة، لا يجري التطرق علناً إلى التبعية للولايات المتحدة، ولكن الرأي العام في إسرائيل ليس ساذجاً. فما زالت ذكرى أزمة ضمانات القروض مع إدارة بوش الأول، والتي أدت إلى خسارة يتسحاق شامير للانتخابات سنة 1992، ماثلة في الأذهان.  ويتضح اليوم أن المساعدة الأميركية التي تبلغ قيمتها 204 ملايين دولار، والمعدة لشراء منظومات جديدة لاعتراض الصواريخ من نوع "القبة الحديدية" معلقة بسبب الخلافات الداخلية في الكونغرس. وتنتظر إسرائيل هذه السنة من الإدراة الأميركية أن تفي بتعهداتها برفع المساعدة العسكرية السنوية المخصصة لها إلى ثلاثة مليارات دولار، وهذه أكبر مساعدة تقدم إلى إسرائيل.
  • أدى التصرف الأخرق للإدارة الأميركية، وأسلوب التسويف الذي استخدمه رئيس الحكومة نتنياهو، إلى شطب مبادرة أوباما التي طالبت إسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان من جدول الأعمال السياسي. ولكن في إمكان الأميركيين أن يديروا ظهرهم لإسرائيل بألف طريقة وطريقة، لا سيما من خلال التهرب من التزاماتهم العسكرية.
  • إن الفراغ السياسي الناشىء مؤخراً في المنطقة، سيمتلىء قريباً بسلسلة من الخطوات التي من شأنها أن تتسبب بمشكلات لإسرائيل، مثل محاولة توسيع نطاق المقاطعة للمنتوجات الإسرائيلية من جانب المستهلكين والنقابات المهنية في أوروبا، وتصعيد حملة نزع الشرعية عن إسرائيل، وتزايد التأييد الدولي للإعلان عن نشوء دولة فلسطينية مستقلة في صيف 2011.
  • إن زعماء السلطة الفلسطينية يدركون التعقيدات التي ينطوي عليها الإعلان من طرف واحد عن الدولة، ولكنهم سيجدون صعوبة في وقف كرة الثلج التي أطلقوها. وفي الربيع المقبل سيجد نتنياهو نفسه يستجدي على أبواب الإدارة الأميركية، من أجل حمل واشنطن على الوقوف في وجه المباردة الفلسطينية.
  • لقد اعتبر منتقدو نتنياهو، لاسيما من اليسار الإسرائيلي، تراجعه عن مواصلة التجميد دليلاً على أنه كان يكذب طوال الوقت على الجميع. ولكن نتنياهو ليس محتالاً، وإنما لديه مشكلة أخرى، فهو يبحث دائماً عن خيارات أخرى. وإذا كان يبدو متردداً في الموضوع الفلسطيني، فإنه يبدو غير متردد أبداً تجاه كل ما له علاقة بالخطر الإيراني. ويقول المقربون منه أن نتنياهو مصمم على إزالة هذا الخطر الذي يتهدد الشعب اليهودي.
  • إن هذا التفاني أمر يستحق التقدير، ولكن على نتنياهو ألا ينسى أهمية الولايات المتحدة.