· بطبيعة الحال كان في إمكان إسرائيل أن تستنجد بزعماء دول أجنبية مثل اليونان وقبرص وروسيا من أجل تقديم المساعدة لها لإخماد الحرائق التي اندلعت في جبل الكرمل، لكن لا بُد من تذكير المؤسسة السياسية الإسرائيلية أنه لا يمكنها الاستناد إلى معونة كهذه عندما يطلق أول صاروخ على سكانها المدنيين سواء من الشمال أو الجنوب، أو من بعيد أو قريب، وستكون مطالبة بأن تواجه ذلك بوسائلها الخاصة وبالعتاد الذي حصلت عليه من الولايات المتحدة.
· بناء على ذلك، فإن العبرة الأهم التي يتعين على أصحاب القرار استخلاصها في الوقت الحالي هي أنه يجدر بهم البحث سريعاً عن طرق لتحقيق اختراق سياسي مع الفلسطينيين، ومع سورية، ومع الدول العربية التي نطلق عليها صفة المعتدلة، ذلك أنه بواسطة اختراق كهذا فقط يمكن أن نخمد الحريق الذي من شأنه أن يلحق أضراراً بسكان إسرائيل كافة.
· فضلاً عن ذلك، فإن واقع إسراع دول كثيرة في العالم لتقديم مساعدات لإخماد الحرائق في الكرمل يدل على أن شعار "العالم كله ضدنا" خطأ، وذلك على الرغم من أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أكد أن تقديم بلده مساعدات إلى إسرائيل لا يعني عودة العلاقات بين الدولتين إلى سابق عهدها.
· إذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يرغب فعلاً في إزالة خطر الصواريخ والقذائف التي يوجهها حزب الله في لبنان نحو وسط إسرائيل، أو في إيقاف شحنات الأسلحة المتطورة من سورية إلى حزب الله، عليه أن يقوم بعمل ما، مثل أن يحاول تجربة مسار المفاوضات مع سورية بهدف التوصل إلى اتفاق معها.
في ضوء هذا كله، فإن الامتحان الحقيقي الذي يقف نتنياهو أمامه الآن لا يقتصر على إقامة لجنة تحقيق لتقصي الإخفاقات التي كشفها الحريق الكبير في الكرمل فحسب، بل يشمل أيضاً اتخاذ القرارات الصحيحة التي من شأنها أن تحول دون وقوع حرائق أكبر، وأن تسفر عن تعزيز جهوزية المنظومات الحكومية المتعددة لمواجهة كل ما يترتب على اندلاع الأزمات.