إهمال حزب الله هو الذي أدى إلى اتهامه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       استناداً إلى التقرير الذي بثته الشبكة الكندية سي بي سي، فإن نجاح عمل لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، ارتكز على أسلوبَي عمل تستخدمهما شبكات الاستخبارات الحديثة: الأول، يقوم على تعقب المكالمات الهاتفية ولا سيما الخليوية منها، والتنصت عليها وفك رموزها؛ الثاني، تقليدي، وما زال يشكل الأساس في عمل الاستخبارات على الرغم من جميع الوسائل الإلكترونية المتطورة، وهو الأسلوب الذي يعتمد على البشر.

·       إن الجمع بين هذين الأسلوبين في العمل، بالإضافة إلى الإهمال الذي ارتكبه حزب الله فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية، كانا قاتلين بالنسبة إلى هذا التنظيم الشيعي. فقد نجح محققو لجنة التحقيق الدولية بعد عمل شاق، وبمساعدة من شركة بريطانية متخصصة بعمليات تعقب المكالمات الخليوية، في جمع وإعادة تركيب جميع الاتصالات الهاتفية التي أُجريت في لبنان يوم الاغتيال في سنة 2005، كما قامت الشركة بفصل المكالمات كلها التي أُجريت قريباً من موقع الانفجار، ووضعها على حدة. وبهذه الطريقة نجح المحققون في تقليص الكم الهائل من المعلومات، وحصرها في عدد من المكالمات الهاتفية الخليوية المشتبه فيها.

·       وهذا كله لم يكن ممكناً لولا العمل الذي قام به ضابط في الشرطة اللبنانية اسمه وسام عيد، ملمّ بمجال المعلوماتية.  فهو الذي نجح في تعقب الأجهزة الخليوية المشتبه في أمرها، ثم قام بتجميع شبكات المستخدمين لهذه الهواتف ضمن حلقات، وتتبع الاتصالات التي أجراها أفراد الشبكة بعضهم ببعض، وتلك التي أجروها مع الشبكات الأخرى، وقد دفع عيد حياته ثمناً لعمله هذا. لكن هذا النجاح لم يكن ممكناً لولا الحماقة التي ارتكبها أحد أفراد المجموعة اللوجستية التابعة لحزب الله، الذي استخدم الهاتف الذي زُود به للاتصال بصديقته، الأمر الذي ساعد التحقيق الذي قام به عيد.

·       لكن من الصعب أن نصدق أن قدرات ضابط في الشرطة اللبنانية مهما يكن نوعها، وأن التحقيقات التي قامت بها الشركة البريطانية، هي التي أدت إلى تعقب القاتل، فالوسائل التي تملكها شبكات التحقيق التابعة للأمم المتحدة محدودة للغاية، وليس لدى الأمم المتحدة أجهزة لجمع المعلومات، أو استخبارات مستقلة تابعة لها. من هنا، ومثلما حدث في التحقيق بشأن المشروع النووي الإيراني، فإن الأمم المتحدة مضطرة إلى الاستعانة بأجهزة استخباراتية مستعدة لتزويدها بالمعلومات، ويمكننا أن نجد على لائحة أسماء هذه الأجهزة، وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة (NSA)، والاستخبارات البريطانية، والفرنسية، ومن دون شك الاستخبارات الإسرائيلية أيضاً، وتحديداً قسم جمع المعلومات المركزي - 8200 التابع للاستخبارات العسكرية. وعلى الرغم من أن التقرير الكندي لم يكشف بوضوح عن الجهات التي ساعدت التحقيق، فإنه شدد على استعانته بأجهزة غربية.

ونشير في هذا الصدد، إلى أن لبنان كشف في الأعوام الأخيرة عن عدد من شبكات التجسس التي قال لبنان وحزب الله إنها تعمل لمصلحة إسرائيل. وكان بين أفراد هذه الشبكات تقنيون ومدراء كبار في شركة الاتصالات اللبنانية ألفا. وأظهرت التحقيقات معهم أنهم قدموا معلومات عن كل مكالمة هاتفية جرت في لبنان، وليس من المستبعد وجود علاقة بين هذه الأمور كلها، وبين هؤلاء.