تحويل صفد إلى مدينة ثنائية القومية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       أعتقد أن التصريحات الإعلامية لحاخام مدينة صفد التي طالب فيها بمنع تأجير المنازل للعرب هي خروج على القانون، لكن من المهم جداً ألاّ نحصر المسألة بالجانب القضائي. فحتى لو تمت إحالة الحاخام على المحاكمة وجرت إدانته، فإن هذا لا يشكل جواباً على المشكلة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي نشهدها. إن ما يجري اليوم في مدينة صفد يعكس جزءاً ضئيلاً من المشكلة الاستراتيجية لدولة إسرائيل، أي الزيادة المتسارعة نسبياً للعرب ولليهود المتدينين والحريديم [المتدينين المتزمتين]، ووجود مناطق في إسرائيل، مثل الجليل، حيث الحقائق الديموغرافية تضع هاتين المجموعتين في مواجهةٍ إحداهما ضد الأخرى.

·       إن صفد محافظة تقدم الخدمات لجميع سكان المنطقة التي تسكنها أغلبية عربية آخذة في الازدياد. وهي تختلف عن عكا والناصرة العليا، اللتين تواجهان واقعاً ديموغرافياً مشابهاً، ذلك بأنها مدينة مقدسة ذات طابع ديني، وهي مدينة للمتدينين اليهود الآخذ عددهم في الازدياد. من هنا، فإن العنف تجاه الطلاب العرب، والدعوات إلى عدم تأجيرهم أو بيعهم المنازل، ليسا مجرد ظاهرة تمس الطلاب الراغبين في الدراسة في كلية صفد، بل إنهما إشارة تحذير موجهة أيضاً إلى وجهاء المدينة، وإلى زعماء الجمهورين العربي واليهودي هناك، وإلى مؤسسات الدولة كافة.

·       تضم صفد عدة مؤسسات محلية، بينها كلية ومستشفى، وسيُلحق بها قريباً مدرسة للتمريض. ووجود هذه المؤسسات في صفد يعود في الدرجة الأولى إلى نمو المدينة، ومن المفترض أن تقدم هذه المؤسسات الخدمات إلى سكان المنطقة. ونظراً إلى التركيبة الديموغرافية لمنطقة الجليل، فإن من المنتظر أن يكون في عداد العاملين في هذه المؤسسات عدد كبير من العرب ـ بينهم طلاب ومحاضرون وأطباء ومرضى. ومن شأن هذا الأمر أن يكون مصدراً لقوة الجليل وللدولة كلها. وفي إمكان هذه المدينة أن تتحول إلى نموذج للشراكة المدنية.

لكن إذا لم نخصص لهذا الموضوع الاهتمام والموارد الكثيرة، فإن ما يجري سيعمق التخوف من أن إسرائيل عاجزة عن أن تقدم إطاراً مدنياً للشراكة بين مواطنيها جميعاً. ولذا علينا أن نتبنى سياسة تهدف إلى تحويل صفد إلى مدينة ثنائية القومية.