الضمانات التي يطلبها نتنياهو من الأميركيين في مقابل تجميد البناء تكشف عن مخاوفه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       قام بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، بزيارة سْدِيه بوكر، من أجل إحياء الذكرى الرسمية لدافيد بن ـ غوريون، وهي مناسبة يستغلها رؤساء الحكومة للاعتبار من إرث مؤسس الدولة، ولإظهار أنفسهم ورثة له، وسائرين على دربه.

·       واليوم يجلس نتنياهو على الكرسي الذي جلس عليه بن ـ غوريون، ويشعر بأن وضعه مشابه لوضع هذا الأخير. فالعالم الذي يترأسه رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، يطلب منه التنكر لمبادئه ووقف الاستيطان وإعطاء الفلسطينيين الضفة الغربية، أما شركاؤه السياسيون، الوزراء أفيغدور ليبرمان وسيلفان شالوم وموشيه يعلون وبـِني بيغن، فيطلبون منه رفض المطالب الأميركية كافة.

·       يشعر نتنياهو بالحيرة الشديدة، فهل يقول "نعم" لأوباما، ويخاطر بخسارة ائتلافه الحكومي، وبالانقسام الداخلي في إسرائيل، أم يرفض المطالب الأميركية، ويوحد الصفوف مع ليبرمان ويعلون وبيغن، ويدخل في معركة دبلوماسية مع الإدارة الأميركية؟ وكالعادة، فإن نتنياهو يريد الأمرين معاً، فهو يريد إرضاء الفريقين، والتهرب من الحسم.

·       بعد اللقاء الذي جرى قبل ثمانية أيام مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والذي دام سبع ساعات، صدر بيان مشترك تحدث عن الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية الهادفة إلى "تحقيق حل الدوليتن". وبدا أن نتنياهو وهيلاري يسيران جنباً إلى جنب نحو غد أفضل، وشرق أوسط جديد، لكن الأول واجه داخل غرفة الاجتماعات طلباً حازماً من الإدراة الأميركية: تجميد الاستيطان 90 يوماً، والاستفادة من هذه المدة الزمنية من أجل ترسيم الحدود المستقبلية بين إسرائيل وفلسطين.

·       لقد نقلت كلينتون رسالة إلى نتنياهو فحواها أن فوز الجمهوريين في انتخابات الكونغرس لن يؤدي إلى تخلي أوباما عن مساعيه لتحقيق السلام. واقترحت عليه صفقة من الصعب رفضها: تجميد الاستيطان والدخول في المفاوضات على الحدود الآن، في مقابل طائرات حربية، وضمانات سياسية في المستقبل.

·       إن الضمانات التي يريد نتنياهو الحصول عليها من الأميركيين تكشف مخاوفه. فهو ليس واثقاً بدعم أوباما،  ويريد الحصول على موافقة على البناء في القدس الشرقية، وعلى البناء في المستوطنات بعد انتهاء مدة التجميد. وهو يريد من أميركا أن تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن ضد أي مبادرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أنه يطلب، وبضغط من شركائه في الحكومة، ألاّ تتمحور المفاوضات حول مسألة الحدود فحسب، بل أن تتناول أيضاً القضايا الجوهرية كافة.

·       يدرك نتنياهو أنه بعد انتهاء مدة التجميد الحالية، سيُطلب منه مواصلة التجميد من جديد، مثلما حدث في المرات السابقة. وهو يتخوف من أن يسمح أوباما للفلسطينيين بطرح قضيتهم على الأمم المتحدة، ومن ألاّ يستخدم حق الفيتو. كما يتخوف من مناقشة مسألة الحدود، لأنه سيضطر إلى تقديم خريطة والالتزام بمواقف فعلية، لا بشعارات غامضة.

إن مطالبة نتنياهو بالحصول على تعهدات مكتوبة من أوباما تدل على انعدام الثقة بينهما، وعلى أنه يريد أن يُظهر للداخل الإسرائيلي أنه حقق إنجازات تكون فيها هذه التعهدات المكتوبة شبيهة بالرسالة التي حصل عليها شارون من بوش، في مقابل إخلاء غوش قطيف. لكن إذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلية لا يثق بأن الرئيس الأميركي سيستخدم حق الفيتو في مسألة جوهرية مثل فرض التسوية والاعتراف باستقلال فلسطين ضمن حدود 1967، وهو يريد رسالة مكتوبة من أوباما، فمعنى ذلك أن الحلف بين الدولتين في ورطة.