خطر الاحتلال لا يقل عن خطر الصواريخ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      إن أوضاع الأمن القومي في إسرائيل ليست على ما يرام، فالانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من جنوب لبنان [في سنة 2000] أسفر عن جعل إسرائيل عرضة لخطر استراتيجي من الشمال، كما أن الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة [في سنة 2005] أسفر عن تعرضها لخطر إطلاق الصواريخ من الجنوب أيضاً.

·      فضلاً عن ذلك، فإن الحرب التي شنّها [رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق] إيهود أولمرت على لبنان [في صيف سنة 2006]، أدت إلى تعاظم قوة حزب الله بصورة غير مسبوقة، في حين أن الحرب التي شنها أولمرت على غزة [في أواخر سنة 2008] أدت إلى تأكل شرعية إسرائيل في العالم بصورة خطرة للغاية. نتيجة هذا كله، فإن إسرائيل في سنة 2010 عرضة للخطر أكثر مما كانت عليه في سنة 2000.

·      ومع ذلك، فإن خطر الاحتلال لا يقل عن خطر الصواريخ، فيوماً بعد يوم يزداد عدد المستوطنين، ويزداد التورط الإسرائيلي في المناطق [المحتلة]، كما أن الفلسطينيين بدأوا بالتراجع شيئاً فشيئاً عن حل الدولتين، لأن الواقع القائم يجعل من الصعب تحقيق هذا الحل. وبسبب الاحتلال فإن الأوضاع الديموغرافية في دولة اليهود أصبحت لا تُطاق، وبات الزمن يعمل في غير مصلحة إسرائيل.

·      على الرغم من ذلك كله، فإن اليمين في إسرائيل ما زال يعتقد أن الأوضاع على ما يرام، ذلك بأن [رئيس الحكومة] بنيامين نتنياهو نجح في صدّ ضغوط [الرئيس الأميركي] باراك أوباما، كما أن إسرائيل قُبلت عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، علاوة على أن الاقتصاد الإسرائيلي يشهد نمواً. بناء على ذلك، ليس هناك، في عرف اليمين، سبب وجيه واحد للخوف أو لنكون في عجلة من أمرنا، وإذا لم نقدّم تنازلات، فإن [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس سيكون مضطراً إلى التراجع.

·      إن الجدل الحقيقي [مع اليمين] هو جدل متعلق بمسألة الزمن، إذ إن اليمين يعتقد أن الزمن يعمل لمصلحة إسرائيل لأنه يتيح لها إمكان فرض وقائع على الأرض، خاصة وأن إسرائيل فُرضت كأمر واقع. وما يجب قوله، رداً على ذلك، هو أن دولة إسرائيل أقيمت لأن مؤسسيها قاموا، من جهة، بفرض وقائع على الأرض، لكنهم سَعَوا، من جهة أخرى، لإحراز اعتراف سياسي بهذه الوقائع. لقد قامت إسرائيل بفضل إدراك مؤسسيها متى يعمل الزمن لمصلحة الصهيونية، ومتى يعمل ضدها.

·      إن الجدل بشأن الزمن هو جدل متعلق بالحياة والموت، فعشية حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، اعتقد اليمين في إسرائيل أيضاً أن لدينا وقتاً كافياً، كما أنه اعتقد ذلك عشية اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى [في سنة 1987]، وها هو الآن، ما زال يعتقد الأمر نفسه مع أن خطر الصواريخ وخطر الاحتلال أصبحا، في الوقت الحالي، ملموسين وأكثر مباشرة.

وفي واقع الأمر، فإننا لم نعد نملك وقتاً كافياً قط، وإذا لم نتحرك الآن فإن الزمن سيوجّه إلينا ضربة كبيرة.