على نتنياهو أن يحسم موقفه بشأن الانسحاب إلى خطوط 1967 لا بشأن تجميد البناء الاستيطاني فقط
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·       يمكن القول إن رزمة الضمانات التي اقترحتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إسرائيل في مقابل تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] ثلاثة أشهر أخرى هي رزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الدولتين، وهي تشمل: إمداد إسرائيل مجاناً بـ 20 طائرة مقاتلة من طراز إف 35 (الشبح) تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار؛ تشديد العقوبات المفروضة على إيران؛ التعهد بفرض فيتو على أي قرار مناهض لإسرائيل في مجلس الأمن؛ الحفاظ على سياسة الغموض المتعلق بالقوة النووية الإسرائيلية؛ التسليم بأعمال البناء في القدس [الشرقية]؛ عدم مطالبة إسرائيل بأي تمديد آخر لتجميد البناء الاستيطاني.

·       وفي واقع الأمر، فإن ثمة احتمالين كامنين وراء خطوة كهذه: إمّا أن تكون القيمة الحقيقية لهذه الضمانات الأميركية أدنى كثيراً من القيمة التي أوحت بها العناوين الصارخة في الصحف الإسرائيلية يوم أمس (الأحد)، وإما أن يكون المقابل الذي تعهد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتقديمه أكبر كثيراً من مجرد تمديد تجميد البناء الاستيطاني ثلاثة أشهر أخرى.

·       ولا بد من القول إن الولايات المتحدة تقوم طوال الوقت بتنفيذ معظم ما ورد في هذه الرزمة، مثل موضوع التصويت في مجلس الأمن. لكن الجديد في الأمر هو أن هذه الضمانات كلها ستصبح من الآن فصاعداً بمثابة عقد موقع بين الدولتين، الأمر الذي يعني في الوقت نفسه أن إسرائيل نفسها ستكون ملزمة به ولن يكون في إمكانها نقضه في المستقبل.

·       ثمة احتمال آخر هو أن تكون الولايات المتحدة قررت منح إسرائيل هذه الضمانات لإسرائيل بعد أن تعهد نتنياهو بأن يوافق لدى انتهاء فترة تمديد تجميد البناء الاستيطاني على الانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط 1967. وفي حال تعهد نتنياهو بمثل هذه الموافقة فإنه يكون نأى، فعلاً، عن مواقفه الأيديولوجية والسياسية الأصلية. لكن ما يجب الإشارة إليه هو أن هذا الموقف لا يحظى بأغلبية داخل الحكومة الإسرائيلية، أو داخل الائتلاف الحكومي، كما أن دفعه قدماً يستلزم إحداث تغيير جذري في الخريطة السياسية الإسرائيلية برمتها، مثل ضم حزب كاديما إلى الحكومة بدلاً من حزبين، أو ربما ثلاثة أحزاب مشاركة فيها، أو حدوث انشقاق داخل حزب الليكود.

·       لقد كان من المألوف، في مثل هذه المفترقات الحساسة، أن يعتمد السياسيون الإسرائيليون في معظمهم على الموقف الفلسطيني. وعلى ما يبدو فإن السياسيين الحاليين يأملون بأن يقول [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس "لا" في نهاية المطاف، وبذا فإنه يحررهم من مواجهة معضلة كبيرة، فضلاً عن أن المسؤولية عن فشل العملية السياسية ستقع على عاتقه.

·       غير أن الاعتماد الإسرائيلي على الرفض الفلسطيني في الوقت الحالي ينطوي على مجازفة، أولاً لأننا لا نعرف جوهر ما تعهد به الأميركيون للفلسطينيين في مقابل موافقتهم على استئناف المفاوضات [مع إسرائيل]؛ ثانياً، لأن عباس يمكن أن يفاجئنا وألا يقول "لا" في نهاية المطاف، وخصوصاً أنه خلال أحاديث خاصة يعترف بأنه ارتكب خطأً عندما امتنع من تقديم رد إيجابي على الاقتراحات التي عرضها عليه [رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق] إيهود أولمرت.

إن السؤال الحقيقي الذي لا بد من حسمه هو ليس المتعلق بتمديد تجميد البناء الاستيطاني فترة أخرى، وإنما السؤال التالي: هل نتنياهو وائتلافه على استعداد لتوقيع اتفاق [مع الفلسطينيين] يسفر عن انسحاب إسرائيل إلى خطوط 1967؟ إذا كان كلاهما على استعداد لذلك فإنني أحني هامتي لهما، وإذا لم يكونا على استعداد لذلك، فإنهما يجازفان باندلاع خصومة حادة مع الإدارة الأميركية.