من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن الجنوح نحو تصوير انعكاسات الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين على أنها ذات طابع سلبي بالنسبة إلى إسرائيل كان أمراً صحيحاً خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى لـ "الربيع العربي". فمع نشوب الأحداث في تونس، التي شكلت بداية حركة اليقظة الشعبية العربية، برز خطر نشوء أنظمة - بعضها يقع على حدودنا - ذات أيديولوجيات إسلامية متطرفة. بيد أن التمعن في دراسة هذه الأحداث يقودنا إلى ثلاثة استنتاجات: أولاً، إن الثوارت الشعبية ضد الأنظمة العربية لم تكن جارفة وشاملة، وقد شملت ست دول من مجموع 22 دولة عربية؛ ثانياً، إن وضع إسرائيل الجيوسياسي لم يصبح بالضرورة أسوأ مما كان عليه، وإنما ربما يكون قد تحسن؛ ثالثاً؛ ليس المطلوب من إسرائيل التدخل من أجل تحسين وضعها، إذ إن هذا الأمر يتم بواسطة غيرها.
· فما يجري في سورية هو أفضل دليل على ذلك، ذلك بأن سورية، التي هي عدوتنا منذ عقود، تنزف وتتفكك وتفقد قوتها العسكرية، وكل ذلك من دون أن نُضطر إلى إطلاق رصاصة واحدة. إن سقوط "الجبهة الشرقية" المعادية لإسرائيل، الذي بدأ مع سقوط العراق في سنة 2003 [الغزو الأميركي للعراق]، وصل اليوم إلى سورية الأسد، ومن الصحيح أننا لا نعلم ما هو النظام الذي سيحل محل نظام بشار الأسد الذي فقد شرعيته في دمشق، لكن حتى لو كان النظام الجديد معادياً لنا، فإن التهديد الاستراتيجي السوري المباشر ضدنا سيزول لفترة طويلة. ومن أجل استكمال القضاء على "الجبهة الشرقية" فإن المطلوب القيام بعملية أميركية أو دولية ضد إيران.
· لقد تعرض التنظيمان الإرهابيان، حزب الله و"حماس"، لضربات قاسية. فحزب الله وزعيمه حسن نصر الله اللذان كانا بطلين في نظر العالم العربي، أصبحا اليوم يمثلان مصيبة بالنسبة إلى هذا العالم بسبب تأييدهما ودعمهما النظام السوري في حربه ضد الثوار. أمّا "حماس" التي تحتفل بانتصارها في عملية "عمود السحاب"، والتي اضطُرت إلى مغادرة دمشق التي شكلت معقلها السياسي واللوجستي خلال العقدين الأخيرين، فقد تلقت ضربة عسكرية قاسية ومؤلمة من إسرائيل، وضربة سياسية من مصر عبر مطالبتها بوقف الإرهاب ومنع تهريب السلاح.
· وأمّا في مصر، حيث كان هناك تخوف من أن تؤدي التظاهرات إلى نشوء نظام ديني بحسب النموذج الطالباني [في أفغانستان]، فقد برز وجود كتلة من المواطنين تدرك أهمية الديمقراطية، وقادرة على وضع قيود على التطلعات الإسلامية لمحمد مرسي. من هنا فإن احتمال قيام نظام ديني غير متطرف، وربما أيضاً نظام علماني، أكبر من خطر قيام ديكتاتورية إسلامية في مصر. ومثل هذا النظام الذي سيحترم اتفاق السلام مع إسرائيل ويفرض على "حماس" مصالحه الأمنية، سيكون أكثر إيجابية من نظام حسني مبارك. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى لو فشل مرسي في تحقيق المصالحة بين "حماس" و"فتح"، فإن ذلك لن يثير غضب إسرائيل.
· إن التمعن في أحداث العامين الماضيين يشير إلى وجود ثلاثة أنواع من الأنظمة العربية لم تجرفها موجة "الربيع العربي": النوع الأول، هو الأنظمة الملكية العربية التي عملت على إرضاء مواطنيها من خلال منحهم تقديمات كبيرة واستثنائية في مجالات التعليم والصحة والرفاه؛ النوع الثاني، هي الدول التي عاشت حروباً أهلية مثل لبنان والعراق والجزائر، والتي لا ترغب في العودة إلى المواجهات الدامية؛ النوع الثالث، يشمل السلطة الفلسطينية التي حصلت في الفترة الأخيرة على مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، إذ تبين أن "الجمهور أسير" في هذا الكيان المنقسم بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ذلك بأنه لا يستطيع الوقوف ضد "حماس" في غزة، كما لا يستطيع أن يثور ضد أبو مازن في الضفة لأن ذلك سيبدو كأنه انتفاضة ثالثة موجهة ضد الطرف الخطأ لا ضد إسرائيل.