· التقيت، مؤخراً، صديقاً مقرّباً للغاية يشغل منصب السفير الإسرائيلي في إحدى العواصم المهمة، ومما قاله لي إنه "في ظل المناخ السياسي الحالي فإن احتمالات النجاح في تمثيل إسرائيل وسياستها هي احتمالات معدومة". وأضاف أن "السياسة الخارجية الإسرائيلية تواجه أسوأ أزمة في تاريخها، بينما وزارة الخارجية الإسرائيلية لفظت أنفاسها الأخيرة".
· وتجدر الإشارة إلى أنه منذ إقامة دولة إسرائيل، فإن الذي يتولى المسؤولية عن سياستها الخارجية هو ديوان رئيس الحكومة، وأساساً رئيس الحكومة نفسه، لا وزارة الخارجية. وقد كانت هذه الوزارة، طوال الوقت، بمثابة كابح للسياسة المتطرفة الصادرة عن رؤساء الحكومة المختلفين، فضلاً عن أنها انتهجت سياسة أكثر اعتدالاً ونعومة.
· أمّا الآن، فإن الأوضاع انقلبت رأساً على عقب، وعلى ما يبدو، فإن السياسة المعتدلة نسبياً أصبحت تصدر عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في حين أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يطرح سياسة متصلبة وصقرية. ولعل من شبه المؤكد أن السفراء الإسرائيليين في العالم كله يواجهون صعوبات جمّة في نقل الرسائل التي تنطوي عليها السياسة الخارجية الإسرائيلية.
· بطبيعة الحال، لا بُد من ملاحظة أنه طرأت في الآونة الأخيرة على عمل السفراء الإسرائيليين كلهم صعوبات ليست مرتبطة بالسياسة الإسرائيلية الخارجية فقط، وفي مقدمها تراجع مكانة إسرائيل لدى الإدارة الأميركية. ولا شك في أن الدبلوماسيين في أي دولة في العالم كله هم أول من يلاحظون تغيرات مفصلية من هذا القبيل، ولذا، فإنهم يتصرفون بما يتسق معها. من ناحية أخرى، فإن العالم يستمتع بإيذاء دول ليست محببة على الولايات المتحدة، كما هي حال إسرائيل الآن.
· ثمة تغير آخر في العالم ناجم عن صعود قوة الإسلام، ولا سيما في أوروبا، ولا شك في أن أي زعيم سياسي ليس في إمكانه أن يتجاهل هذا الوضع الجديد، والذي يعود بخسائر كبيرة على إسرائيل.
· من الطبيعي في ظل أوضاع كهذه أن يبادر موظفون كثيرون في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى التحذير من الأضرار المترتبة على السياسة الخارجية الإسرائيلية، بسبب طريقة إدارتها في الوقت الحالي، لكن باستثناء السفير الإسرائيلي في تركيا، الذي سبق أن وجه نقداً حاداً إلى السياسة الخارجية الإسرائيلية، فإن المسؤولين في الوزارة كلهم يملأون أفواههم ماءً.