من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· أُقر القانون الذي يقضي بحرمان كل من تجسس، أو قدم المساعدة للتجسس على الدولة، من الجنسية الإسرائيلية، بالقراءة التمهيدية، وحظي مؤخراً بتأييد علني من ممثلي جهاز الأمن الداخلي (الشباك). ويدخل هذا القانون ضمن إطار التعديل الجديد نسبياً لقانون المواطنة الذي أُقر في سنة 2008، والذي يسمح بسحب الجنسية مَن كل من يرتكب أعمالاً إرهابية أو تجسسية.
· علينا أن نعترف بأن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي عدلّت في الفترة الأخيرة قوانينها، وسمحت بالحرمان من الجنسية دفاعاً عن مصالح الدولة. صحيح أن الحرمان من الجنسية لهذه الأسباب لا يُعتبر قانونياً في الولايات المتحدة وفي الجزء الأكبر من الدول الأوروبية؛ إلاّ إن ثلث الدول الأوروبية بما في ذلك الدانمارك، وهولندا، وفرنسا، وإنجلترا، تعتبر الحرمان من الجنسية في مثل هذه الحالات عقوبة قانونية.
· من هنا، فإن هذا التوجه الجديد لسن القوانين في إسرائيل يثير قلقاً خاصاً، من دون أن يعني ذلك أن الحرمان من الجنسية هو بحد ذاته أمر مرفوض. إن المواطنة هي الانتماء إلى جماعة سياسية، وهي تعني في دولة ديمقراطية الحق في المشاركة في حكم مستقل وجماعي. وفي حال ارتكب مواطن أعمالاً إرهابية وتجسسية ألحقت الضرر بالنظام الديمقراطي، فإن هذا يبرر النظر في حرمانه من الجنسية.
· لكن على الرغم من ذلك، فإن هناك ثلاثة فوارق بين إسرائيل وبين الدول الأوروبية تجعل الحرمان من الجنسية الإسرائيلية أمراً غير قانوني: أولاً، يسمح القانون الإسرائيلي ببقاء شخص من دون جنسية، في حين أن القوانين الأوروبية المذكورة أعلاه لا تسمح بسحب الجنسية إلا ممن لديه جنسية ثانية. فالجنسية ليست حقاً سياسياً فحسب، بل إنها حق أساسي من حقوق الفرد أيضاً، والحرمان منها معناه تحويل الفرد إلى لاجىء. ولهذا السبب اعتبرت محكمة العدل العليا الأميركية أن الحرمان من الجنسية هو أقسى من عقوبة الإعدام.
· ثانياً، يجب أن يستند قانون الحرمان من الجنسية إلى مبدأ المساواة بين المواطنين. والدولة التي هناك شك في تطبيقها المساواة بين مواطنيها، لا يحق لها سحب الجنسية. وثمة تخوف في إسرائيل من أن يجري تطبيق الحرمان من الجنسية بصورة غير عادلة، فتُطبق بصورة خاصة على السكان العرب؛ فعلى الرغم من أن عدد اليهود أكبر من عدد العرب، إلاّ إن العرب وحدهم هم المعرضون للحرمان من الجنسية. إن الدرس الذي تعلمته الدول الأوروبية، والذي على إسرائيل أن تدركه هو أن الحرمان من الجنسية يتحول إلى أداة خطرة لدى استخدامه في النزاعات الإثنية.
· ثالثاً، يجب استخدام الحرمان من الجنسية كعقوبة فقط، لا كأداة أمنية أو إدارية، كما يجب أن يُطبق على الجرائم الخطرة، وبعد أن تنتهي المحاكمة بإثبات التهمة. ولا يمكننا المساواة في التهمة بين مواطن ثبُت ارتكابه جريمة سياسية ـ إرهابية، مثل يغآل عمير، وبين مواطن اتُّهم بالمساعدة على التجسس على الدولة مثل عزمي بشارة.
في الختام، إن مشاركة جهاز الأمن العام (الشباك) في مناقشة هذه القضية في الكنيست، هي أمر خطر جداً. فالحرمان من الجنسية الذي هو حرمان من الحياة في إطار سياسي، لا يمكن تبريره إلا بمصطلحات سياسية تتلاءم مع الجريمة السياسية الموجهة ضد الكيان السياسي المشترك لكل مواطني إسرائيل. ومن هنا، يجب مناقشة الحرمان من الجنسية علناً، ووفقاً لاعتبارات عامة، لأن الموضوع مهم، ويجب ألاّ يبقى في عهدة الأجهزة السرية.