· هناك من يقول إن أوباما، خلال الأعوام المقبلة، سيركز عمله على المسائل الداخلية، ولن يهتم بالقضايا الخارجية (وهو بالتالي لن يتفرغ لمعالجة المشكلة الإسرائيلية ـ الفلسطينية). لكن ثمة رواية أخرى معاكسة تقول: إنه نظراً إلى أن حظوظ أوباما في الحصول على موافقة الكونغرس المنتخب على مبادراته الداخلية توازي الصفر، فإنه سيبذل كل جهده من أجل تحقيق إنجازات في مجال السياسة الخارجية، ولا سيما في الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
· يعرف أوباما جيداً أن مستقبله السياسي مرتبط في العامين المقبلين بمدى نجاحه في إنعاش الاقتصاد الأميركي، وفي كبح الركود. لكن من الواضح أنه بحاجة إلى تعاون المرشحين الجمهوريين معه في مجلسي النواب والشيوخ، فهل يستطيع الحصول على هذا التعاون؟ ليس أكيداً، ولا سيما أن هؤلاء الزعماء واقعون تحت نفوذ الأطراف المتشددة وغير المتهاونة، كما أن من الصعب تطبيق سياسة قوية في المسائل الخارجية، عندما تكون السياسة الداخلية ضعيفة.
· ويرى مساعدو أوباما أن السبيل الوحيد الذي سينقذه هو إقامة دولة فلسطينية، وكذلك حل النزاع بين اليهود والعرب. وهذا ما يدركه الفلسطينيون جيداً، فكما قال رئيس المخابرات العسكرية المنتهية خدمته اللواء عاموس يادلين، فإن الفلسطينيين يقومون بتخريب المفاوضات مع إسرائيل عن قصد، من أجل خلق أزمات تؤدي إلى تدخل أميركي ودولي. فهم مقتنعون بأن التدخل الخارجي سيضمن تحقيق أهدافهم من دون الحاجة إلى تقديم تنازلات من جانبهم.
· إن الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية الوضع الناشىء، ليس لأنها كما كتبت "الواشنطن بوست" دفعت بالطرفين إلى البدء بالمفاوضات من دون " أن يكون لديها خطة للوضع الذي ربما ينشأ في نهاية فترة التجميد"، وإنما لأن اهتمام الإدارة المبالغ به بموضوع المستوطنات أدى إلى التشدد في المواقف الفلسطينية.
· غير أننا هنا نطرح السؤال: هل يضمن الرئيس الأميركي النجاح في الموضوع الفلسطيني إلى حد ربط مصيره في انتخابات 2012 به؟ إن الضغط على إسرائيل في هذا الأمر لن يكون مفيداً، ومن شأنه، في الواقع السياسي الجديد في الولايات المتحدة، أن يثير مشكلات في موضوعات أخرى. فعلى الرغم من أن الكونغرس غير قادر على أن يفرض على الرئيس سياسته الخارجية، فإنه بالتأكيد قادر على إجهاضها.
· هناك قواسم مشتركة بين نتنياهو وأوباما: فالاثنان ليسا عاطفيين، ويحبهما الإعلام، وهما مثقفان، ولديهما ذكاء فوق المتوسط بكثير، كما أن لديهما مشكلات مع المعارضة، ولا يحبان الفشل.
· إن نتنياهو يرغب في التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن ما يشغله اليوم أكثر من أي شيء آخر هو التحالف العسكري الذي تحدث عنه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بين كل من إيران، وسورية، وحزب الله، و"حماس". ويمكننا الافتراض أن رئيس الحكومة يدرك الحاجة إلى حلول عقلانية ومتدرجة لموضوع البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، لكن الموضوع الأمني العام هو الذي سيكون على رأس أولوياته في المفاوضات التي سيجريها مع نائب الرئيس الأميركي جو بادين، ومع وزيرة الخارجية كلينتون.
إن إقامة دول فلسطينية لا تضمن نهاية النزاع، ولذا سيشرح نتنياهو لمحاوريه أن لا فائدة من البحث الآن في حدود الدولة الفلسطينية. ففي البداية يجب ضمان حدود إسرائيل القابلة للدفاع عنها، ثم تأمين الترتيبات التي ستمنع الدولة الفلسطينية من التحول إلى خطر عسكري جديد، وخصوصاً في ظل نيات إيران التسلل إلى منطقتنا، سواء بصورة مباشرة، أم غير مباشرة بواسطة حلفائها.