"قضية قافلة السفن" فرصة جيدة لاستكمال الانفصال عن غزة كلياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      إن "قضية قافلة السفن" هي فرصة جيدة لاستكمال عملية الانفصال عن غزة. لقد حان الوقت لبتر بقايا الاحتلال [الإسرائيلي] وترك "حماستان" لشأنها، ذلك بأن محاولة استمرار السيطرة على غزة عن بُعد تلحق بإسرائيل وصمة عار أخلاقية شديدة الوطأة، وتفاقم عزلتها الدولية. ولا شك في أن أي إسرائيلي يشعر بالخجل جرّاء قائمة البضائع التي تسمح وزارة الدفاع الإسرائيلية بإدخالها إلى غزة.

·      كيف يمكن أن يتم الانفصال عن غزة كلياً؟ بداية، تعلن إسرائيل، للأسرة الدولية أنها ترفع يدها عن أي مسؤولية عن سكان غزة ومعيشتهم، ثم تقوم بإغلاق المعابر بصورة مطلقة، الأمر الذي يضطر غزة إلى الاهتمام بتلقي الحاجات الاستهلاكية والخدمات الطبية إما عن طريق الحدود المصرية، وإمّا عن طريق البحر. كما يتم تحديد موعد لفصل شبكتي المياه والكهرباء، ويجري إخراج غزة من "المنطقة الجمركية الواحدة"، ولا يعود الشيكل هو العملة القانونية هناك، ويُتاح لسكان غزة إمكان صك عملة فلسطينية تحمل صورة [مؤسس حركة "حماس"] الشيخ أحمد ياسين.

·      في موازاة ذلك، تعلن إسرائيل تفعيل حقها في الدفاع عن نفسها، وتقوم بفحص أي شحنات مشبوهة في عرض البحر كي تمنع تهريب الأسلحة، كما تفعل الدول العظمى. وفي حال إطلاق النار علينا من غزة فسنرد بإطلاق النار عليها بهدف إلحاق أضرار جسيمة بها، وسبق أن أثبتنا أن في إمكاننا فعل ذلك.

·      صحيح أن خطوة كهذه هي خطوة غير لطيفة، إلا إنها قانونية. فمن حق أي دولة في العالم إغلاق حدودها، وخصوصاً إذا كان لديها جيران يكنّون لها العداء والكراهية.

·      وتجدر الإشارة إلى أن [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] أريئيل شارون راوده الأمل، عندما أقرّ الانسحاب من غزة إلى حدود الخط الأخضر [في إطار خطة الانفصال سنة 2005]، بأن يحصل على اعتراف دولي بنهاية الاحتلال، إلا إن إسرائيل لم تنجح في الانفصال عن غزة فعلاً، بل إنها، حتى قبل سيطرة "حماس" عليها، أصرت على أن تبقى مسيطرة على حركة الخروج منها والدخول إليها. كما أنها قامت بتشديد الحصار والمراقبة في إثر فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية، وعملية اختطاف [الجندي الإسرائيلي] غلعاد شاليط.

·      إن الحصار الإسرائيلي على غزة يهدف إلى تحقيق أربع غايات استراتيجية: أولاً، فرض وحدة الضفة وغزة على الفلسطينيين شرط أن تكون في ظل قيادة فلسطينية ودية إزاء إسرائيل؛ ثانياً، ممارسة ضغوط على "حماس" كي تقلل من عمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل؛ ثالثاً، الحفاظ على حالة وهمية فحواها أن السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وسلام فياض هي المسؤولة عن غزة من ناحية قانونية؛ رابعاً، منع حدوث احتكاك مع مصر التي تخشى فتح حدودها مع الفلسطينيين. غير أن هذه السياسة لم تحرز علامة مرضية في امتحان النتيجة العامة. وبدلاً من أن تبحث الحكومة الإسرائيلية عن بديل لائق من هذا الوضع القائم، فإنها لا تزال تتذرع بحجة واهية فحواها أن استمرار وجود شاليط في غزة يحول دون إجراء أي مناقشة جادة تتعلق بالسياسة الواجب اتباعها إزاء القطاع.