لا يمكن حل النزاع مع غزة إلا بواسطة مفاوضات مع "حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يبدو أن القوة التي أصبحنا نملكها على مدار عشرات الأعوام الفائتة جعلتنا نصاب بالغرور، ذلك بأننا، مرة تلو الأخرى، نعتقد أن أي مشكلة نواجهها يمكن حلها بواسطة القوة. ولا بُد من القول إنه منذ حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967] فإن إسرائيل تستحوذ عليها عقدة القوة، وهي تعتقد أن "ما لا يمكن تحقيقه بالقوة يُحقّق بقوة أكبر".

·      إن الحصار على غزة هو أحد الثمار الفجة لطريقة التفكير هذه. فهو ناجم عن فرضية خطأ فحواها أنه يمكن الانتصار على "حماس" بالقوة، وأنه على المستوى العام يمكن دوس المشكلة الفلسطينية بدلاً من حلها.

·      إن "حماس" ليست منظمة "إرهابية" فحسب، بل إنها أيضاً، فكرة يائسة ومتعصبة نمت جرّاء يأس وإحباط عدد كبير من الفلسطينيين. ولم يحدث قط أن هُزمت فكرة بواسطة القوة. ومن أجل الانتصار على فكرة ما، يجب اقتراح فكرة أخرى تكون أكثر جاذبية وقبولاً.

·      إن الطريق الوحيدة المتاحة أمام إسرائيل لإقصاء "حماس" كامنة في الاتفاق سريعاً مع الفلسطينيين على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967 تكون القدس الشرقية عاصمة لها، وعلى توقيع اتفاق في هذا الشأن مع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس ورجاله، وبذا، تقلّص إسرائيل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إلى نزاع إسرائيلي ـ غزّي.

·      لكن في نهاية الأمر لا يمكن حل النزاع الإسرائيلي ـ الغزّي إلا بواسطة مفاوضات مع "حماس"، أو بواسطة انخراط كل من "حماس" و"فتح" فيها.

·      حتى لو قامت إسرائيل بالسيطرة على مئة قافلة سفن أخرى، وحتى لو قامت بمئة عملية عسكرية أخرى لاحتلال غزة، وحتى لو استمرت في تفعيل قواتها العسكرية والبوليسية والسرية كلها، فإنها لن تحل المشكلة. وإذا لم نعترف بالاستنتاجات المترتبة على هذه الحقيقة البسيطة فإننا جميعاً، إسرائيليين وفلسطينيين، سنظل نعيش تحت وطأة حصار دائم، أي ستبقى غزة تحت وطأة الحصار الإسرائيلي، وستبقى إسرائيل تحت وطأة الحصارين العربي والدولي.

·      بطبيعة الحال، أنا لا أستخف بالقوة، فمن دونها لن يُكتب لنا البقاء هنا، لكن لا يجوز نسيان أن هذه القوة تهدف فقط إلى منع تدمير إسرائيل أو احتلالها.