من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· في حرب 1948 قصف الأردنيون القدس الغربية طوال شهرين، وفرضوا عليها الحصار، وقطعوا عن سكانها المياه والكهرباء، فقُتل وجرح من جراء القصف مئات المواطنين، لكن إسرائيل لم تصف الأردنيين بالإرهابيين، وإنما بالإعداء. وبعد وقف إطلاق النار، دخلت إسرائيل في مفاوضات علنية مع الأردنيين أفضت في النهاية إلى اتفاق الهدنة.
· وقبل حرب 1967، قصف السوريون، طوال أعوام، مستوطنات الجليل، فقتلوا وجرحوا المئات؛ ويتضمن دستور [حزب] البعث السوري بنداً ينص على تدمير إسرائيل. ومع ذلك، لم يحدث أن سمّى الإسرائيليون السوريين إرهابيين، وإنما أعداء، وحتى أنهم وقعوا معهم اتفاقيات، ومن ضمنها اتفاقية فصل القوات بعد حرب [تشرين] 1973.
· كذلك رفع المصريون بقيادة جمال عبد الناصر أكثر من مرة شعار تدمير إسرائيل، وقد كانت تلك هي نياتهم عشية حرب 1967، ومع ذلك لم يتم اعتبار الطاغية المصري في أي وقت من الأوقات إرهابياً، وإنما عدواً. وحتى إن النازيين لم يسمَّوا إرهابيين، فقد ارتكبوا فظائعهم عندما كانوا بالزي العسكري، مرئيين، ومكشوفين، ومرتبطين بنظام حكم ظاهر ومعروف، كما كانوا العدو الأكثر وحشية في تاريخ الإنسانية، لكن لم يكونوا إرهابيين.
· آن الأوان للتوقف عن تسمية حركة "حماس" تنظيماً إرهابياً وتعريفها كعدو، ذلك بأن هذا الاستخدام الطافح بالمبالغة لمفهوم الإرهاب، العزيز على قلب رئيس الحكومة، يعطل القدرة على التوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع هذا العدو الشرس. والراهن اليوم إن حركة "حماس" تسيطر على الأرض، ولها جيش، ومؤسسات حكم، وهي تحظى باعتراف دول عديدة في العالم. وهكذا يمكن القول إن المنظمة التي لديها دولة، هي عدو، وليست منظمة إرهابية.
· هل التسمية مجرد لعب على الكلام؟ كلا، لأنه يمكن التحاور مع العدو، والتوصل معه إلى اتفاقيات، في حين أنه لا فائدة من التحاور مع "منظمة إرهابية"، ولا أمل بالاتفاق معها. ولذا ثمة ضرورة ملحة لإعطاء الشرعية المبدئية من أجل محاولة التوصل إلى اتفاق مباشر ما مع حركة "حماس"، ذلك بأن الفلسطينيين هم جيراننا إلى الأبد، وهم جيراننا الأقرب، فإذا لم نتوصل معهم إلى اتفاق فصل معقول، فلن يكون لدينا خيار سوى العيش معاً في دولة ثنائية القومية، التي ستكون سيئة وخطرة على الطرفين. وعليه، فإن الاتفاق مع "حماس" مهم ليس فقط من أجل التهدئة على طول الحدود مع قطاع غزة، وإنما من أجل خلق قاعدة لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
· منذ إخلاء قطاع غزة من قبل إسرائيل، بدأت تظهر علامات مقلقة على أن سلطة "حماس" في قطاع غزة تفقد القدرة على تمييز ما هو ممكن وما هو غير ممكن، من هنا فإن الضربات الإسرائيلية لم تؤد إلى تنبيهها وإيقافها عند حدها بل زادت من عدوانيتها المؤذية. ونتساءل ما السبب الذي أدى إلى اندلاع العنف بقوة، وتحديداً بعد الانسحاب الأحادي الجانب من القطاع؟ فهناك متشددون دينيون في كل مكان من العالم، لكن ليس هناك سلطة متطرفة ترغب في تعريض نفسها، من دون داع، لرد الجيش الإسرائيلي، الذي هو من أقوى الجيوش في العالم.
· لذا، كي نفهم "حماس"، وربما أيضاً كي نحاول تغيير سلوكها، ينبغي علينا إقامة حوار حقيقي ومباشر معها. ومثلما أن "التنظيم الإرهابي" لمنظمة التحرير الفلسطينية تحول إلى سلطة فلسطينية، يجدر بنا التعامل مع "التنظيم الإرهابي" الحماسي بصفته حكومة "حماس".
· وهناك بالتأكيد تناقض في سلوك المسؤولين في حركة "حماس"، فمن جهة، يخالجهم شعور مبرر بالبطولة والشجاعة لأنهم نجحوا في طرد المستوطنين والجيش الإسرائيلي من قطاع غزة بدون شروط، ومن جهة ثانية، لديهم شعور عميق بالإحباط لأن هذا العمل بالذات أفضى إلى حالة حصار شديد داخل مساحة ضيقة منقطعة عن إسرائيل، وعن شعبهم في الضفة الغربية.
· وتعتقد "حماس"، بعد أن نجحت في فرض انسحاب الإسرائيليين من قطاع غزة، أن في وسعها طرد الإسرائيليين من باقي "الأراضي المحتلة"، أو على الأقل إجبارهم على رفع الحصار. بيد أن "حماس"، التي لا تثق بإسرائيل، والتي تعتقد أن تقسيم الشعب الفلسطيني إلى قسمين هو في مصلحة إسرائيل، والتي هي على قناعة بأن إسرائيل لن تحاول السيطرة مجدداً على قطاع غزة - بدلاً من أن تحاول بناء قطاع غزة اقتصادياً، ووقف العنف وبناء حياة طبيعية (وهكذا ربما إقناع الإسرائيليين بالسماح لهم بالتواصل مع إخوانهم في الضفة الغربية)، اختارت الطريق التي أثبتت من خلالها قوتها في القطاع سابقاً، أي طريق العدوان المستمر.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، ليس لدى أي من الطرفين شعور بأن هذا سيشكل نهاية دائرة العنف، فالعامل الانتحاري الظاهر الآن في قطاع غزة يمكن أن يجلب، بتشجيع خبيث من إيران، مزيداً من الموت والدمار. وعليه، ينبغي السعي للوصول عن طريق المفاوضات المباشرة، ومن خلال التخفيف من نزعة شيطنة الآخر لدى الطرفين، إلى إطار تسوية بين إسرائيل وحركة "حماس" مبنية على المبادئ الأربعة التالية:
1- موافقة "حماس" على إشراف دولي صارم من أجل جعل قطاع غزة منطقة منزوعة من الأسلحة الهجومية الصاروخية.
2- فتح المعبر بين قطاع غزة ومصر.
3- فتح الحدود مع إسرائيل للسماح بالعبور المراقب للعمال الفلسطينيين.
4- فتح تدريجي للممر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية، بناء على ما اتفق عليه في أوسلو، في سبيل ترميم الوحدة الفلسطينية قبيل المفاوضات مع إسرائيل، ولا سيما أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل بدون مشاركة حركة "حماس".