قررت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع في الاجتماع الذي عقدته أمس (الأحد) رفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بالاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في هذه المنظمة الدولية.
وجاء في نص القرار الذي اتخذته الحكومة في هذا الشأن: "إن للشعب اليهودي حقاً طبيعياً وتاريخياً وشرعياً في وطنه، وفي عاصمته الأبدية القدس. كما أن لدولة اسرائيل، بصفتها دولة الشعب اليهودي، حقاً ودعوى على مناطق متنازع عليها في أرض اسرائيل. ولذا تقرر الحكومة ما يلي: أولاً، رفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 191/ 67 الصادر في يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012؛ ثانياً، التأكيد أن القرار المذكور لن يغير وضعية المناطق المتنازع عليها ولن يمنح أي حق لطرف آخر ولا ينال إطلاقاً من حقوق دولة اسرائيل والشعب اليهودي في أرض اسرائيل؛ ثالثاً، التأكيد أن القرار أعلاه لن يشكل أرضية لأي مفاوضات في المستقبل ولن يقدم شيئاً من أجل دفع التوصل إلى حل سلمي."
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد أكد في مستهل اجتماع الحكومة أن الخطوة الأحادية الجانب التي أقدمت عليها السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة "تعدّ خرقاً صارخاً للاتفاقيات التي تم توقيعها مع إسرائيل، ولذلك ترفض الحكومة الإسرائيلية قرار الجمعية العامة."
وأشار نتنياهو إلى أنه في إثر اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1975 قراراً يدمغ الصهيونية بالعنصرية، اتخذت الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت، وكانت برئاسة يتسحاق رابين، قراراً فحواه ما يلي: "إن الرد على الهجوم على الصهيونية ودولة اسرائيل يستلزم تسريع تنفيذ خطط الاستيطان في كل المناطق التي قررت الحكومة البناء فيها."
وأضاف نتنياهو: "والآن ها نحن نبني، وسنواصل البناء في القدس، وفي كل الأماكن الموجودة في خريطة المصالح الاستراتيجية لدولة اسرائيل. وأود أن أوضح مرة أخرى: لن تقوم دولة فلسطينية من دون تسوية تضمن أمن مواطني اسرائيل، ولن تقوم دولة فلسطينية قبل أن يتم الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، ولن تقوم دولة فلسطينية إلى أن يعلن الفلسطينيون إنهاء الصراع. إن اسرائيل لن توافق على تحويل يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى قاعدة إرهابية إيرانية كما حدث في المناطق التي تم إخلاؤها في كل من قطاع غزة ولبنان."
وشكر رئيس الحكومة كلاً من الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر، ورئيس الحكومة التشيكية بيتر ناشس، وزعماء الدول الأخرى التي عارضت مشروع القرار في الأمم المتحدة، وقال "إن التاريخ سوف يحكم في المستقبل بالإيجاب على الدول التي وقفت إلى جانب الحقيقة والسلام وإسرائيل في الوقت الحالي."
تجدر الإشارة إلى أن وزير المال الإسرائيلي يوفال شتاينيتس أعلن في مستهل اجتماع الحكومة أن إسرائيل لن تنقل إلى السلطة الفلسطينية مبلغ 456 مليون شيكل تراكم لديها من الضرائب التي سبق أن جبتها لمصلحة هذه السلطة، وذلك عقاباً لها على مبادرتها في الأمم المتحدة. وقال إن هذا المبلغ سيستعمل لسد جزء من ديون السلطة لإسرائيل التي تصل إلى مليارات الشواكل.
وكانت إسرائيل قد أعلنت بعد ظهر يوم الجمعة الفائت نيتها بناء 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية، وذلك رداً على المبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة والتي أسفرت عن قبول فلسطين دولة غير عضو في هذه المنظمة الدولية.
وقد اتخذ هذا القرار بتكثيف البناء الاستيطاني خلال اجتماع طارئ لـ "طاقم الوزراء التسعة" عقده رئيس الحكومة نتنياهو.
وقرر هذا لطاقم الوزاري أيضاً البدء بدفع مخططات بناء في المنطقة "E1" الواقعة بين القدس الشرقية والكتلة الاستيطانية "معاليه أدوميم" بين القدس وأريحا، والتي امتنعت إسرائيل في العقد الفائت من البناء فيها بسبب وجود معارضة أميركية شديدة.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى إن نتنياهو كان يعتزم عدم الرد على المبادرة الفلسطينية، لكن في إثر الانتقادات الشديدة التي تم توجيهها إليه جراء الانهيار السياسي والدبلوماسي الإسرائيلي في الحلبة الدولية، وعدم قدرة الحكومة على إقناع دول أوروبية بمعارضة المبادرة الفلسطينية، واقتراب موعد الانتخابات العامة في إسرائيل، فإنه لجأ إلى رد متشدد، وقرر إعلان تنفيذ أعمال بناء واسعة في المستوطنات.
وعلمت "يديعوت أحرونوت" أن عدة جهات إسرائيلية رفيعة المستوى حذرت نتنياهو من مغبة تفسير القرار المتعلق بتوسيع البناء الاستيطاني في أوساط المجتمع الدولي على أنه إجراء عقابي ضد الفلسطينيين، واقترحت عليه أن يتريث كي لا يبدو القرار مرتبطاً بالمبادرة الفلسطينية، غير أن نتنياهو قرر الرد بشكل فوري.