على إسرائيل القيام بمبادرة جريئة لكشف نوايا أبو مازن الحقيقية بدلاً من توسيع الاستيطان الذي يثير غضب أصدقائها
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

·       قبيل التصويت في الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، على الاعتراف بفلسطين "دولة غير عضو"، تعالت أصوات داخل إسرائيل تدعو إلى دعم تحرك أبو مازن. فكتب كاتب مسرحي معروف ما يلي: "إن مثل هذه الخطوة من جانب المسؤولين السياسيين في إسرائيل ستقلب أوراق الحرب المقبلة في المنطقة، ويمكنها تحويل اتجاه الرياح في الشرق الأوسط من الحرب إلى السلام." ودافع اقتصادي شهير عن هذه الفكرة قائلاً: "إن هذا سيغير علاقاتنا بالعالم العربي المعتدل وبزعامة الربيع العربي من جهة، وسيثبت للفلسطينيين، من جهة أخرى، أن السلطة الفلسطينية هي مستقبلهم و'حماس'› هي ماضيهم." ومثل هذا الكلام سبق أن سمعناه في الماضي بعد توقيع اتفاق أوسلو ليظهر فيما بعد أنه مجرد أوهام.

·       وعلى الرغم من ذلك فإن قرار الحكومة الإسرائيلية شن حملة عنيفة ضد تحرك أبو مازن وإطلاق التهديدات ضده كان خطأ فادحاً وحماقة، الأمر الذي ساهم في زيادة حجم الإنجاز الدبلوماسي الدعائي لأبو مازن، وفي تضخيم الإخفاق الإسرائيلي. واليوم، ترتكب إسرائيل، كالولد الغاضب، مزيداً من الأخطاء من خلال إعلانها بناء آلاف الوحدات السكنية في القدس الشرقية في أراضي يهودا والسامرة.

·       ولنحاول أن نرى ما حمله وما لم يحمله قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، بالإضافة إلى خطاب أبو مازن. في البداية نجد أن قرار الأمم المتحدة هو بمثابة اعتراف عملي برؤيا "الدولتين"، وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعيش داخل دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تعيش بسلام وأمان إلى جانب دولة إسرائيل ضمن حدود ما قبل 1967. كذلك يدعو القرار إلى انهاء الاحتلال من أجل تحقيق السلام العادل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والذي يشكل حلاً للمشكلات الجوهرية، مثل اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والأمن والمياه.

·       وتبرز في خطاب أبو مازن النقاط التالية: أولاً، أن إسرائيل هي دولة معتدية وتقوم بأعمال وحشية وتذبح الشعب الفلسطيني وتنفذ خطة التطهير العرقي، أمّا الفلسطينيون فهم أصحاب قيم أخلاقية وإنسانية يحترمون القانون الدولي؛ ثانياً، إن أبو مازن يتحدث كما لو أنه يمثل فلسطينيي قطاع غزة أيضاً؛ ثالثاً، الإيحاء أن هدف الفلسطينيين هو إعادة الحياة إلى المفاوضات وأنهم يرغبون في تحقيق السلام من دون التنازل عن حقوقهم، إذ إنهم سيواصلون "المقاومة" ضد الاحتلال الإسرائيلي بالطرق السلمية.

·       ولم يتحدث أبو مازن في الأمم المتحدة عن استعداده تقديم تسوية ما، أو عن أي دعوة إلى إنهاء النزاع التاريخي، ولا عن "دولتين لشعبين"، وحتى عندما يذكر قرار التقسيم نراه يتجنب الحديث عن "دولة يهودية". وفي رأيي أن أبو مازن لا يمد يده للسلام، وآخر شيء يرغب فيه اليوم هو استئناف المفاوضات مع إسرائيل.

·       بناء على ذلك، علينا ألاّ ندعه يستغلنا، ويمكن القول إن الإعلان الإسرائيلي عن البناء يخدم أبو مازن ويغضب الدول الصديقة لنا. إن هذا هو الوقت الملائم كي تستغل دولة إسرائيل الظرف من دون أي تأخير لفضح الوجه الحقيقي لأبو مازن من خلال القيام بمبادرة جريئة قوية تختبر حقيقة دعوته الى استئناف المفاوضات السياسية.