· في 29 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1947، قررت الأمم المتحدة إنهاء الانتداب البريطاني وصوتت على قرار التقسيم الذي نص على قيام دولتين: دولة يهودية وأخرى عربية. ولقد أشاع القرار حينها فرحاً عارماً وسط مئات الآلاف من اليهود من سكان إسرائيل، كما شعر اليهود في جميع أنحاء العالم بأن الدولة اليهودية الصغيرة هي تعويض من جانب شعوب العالم على أعمال القتل والتدمير التي ارتكبها النازيون.
· لكن فور التصويت على القرار شنت الدول العربية بمشاركة العرب من سكان أرض إسرائيل (يومها لم يكن أحد يستخدم مصطلح الفلسطينيين) هجوماً على المستوطنات اليهودية، مما أدى إلى نشوب حرب الاستقلال. والكل يعرف تتمة القصة، فكان الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، وتحرير سائر أراضي إسرائيل في حرب الأيام الستة بعد مرور 19 عاماً. ولقد دفع العرب ثمناً غالياً جراء رفضهم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.
· واليوم بعد نحو 65 عاماً على صدور قرار التقسيم ينوي رئيس السلطة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة في اليوم نفسه وفي الشهر نفسه من أجل رفع تمثيل السلطة الفلسطينية إلى دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
· لقد وصل أبو مازن اليوم إلى نهاية الدرب في حياته السياسية، ولم تعد لديه أهمية، إذ لا تتعدى سلطته في الضفة الغربية على بضعة أحياء في رام الله وهي سلطة يفرضها الذين يتقاضون رواتبهم من الأموال التي تجبيها إسرائيل [على المعابر] من أجل السلطة. وفي الواقع هناك عدد كبير من مدن الضفة يخضع اليوم لسيطرة حكم العشائر والقبائل التي تتعامل مع السلطة بوصفها منظمة آيلة إلى الزوال. وربما من الأفضل أن يكون في أراض يهودا والسامرة خمس دول وذلك انطلاقاً من التقسيم العشائري، لا سيما بعد أن أثبتت الأحداث في سورية إمكانية التقسيم انطلاقاً من الانتماء العشائري والطائفي.
· وعلى ما يبدو أن أبو مازن، في إطار احتضاره السياسي، يقوم بتنظيم إرثه وذلك من خلال محاولته رفع تمثيل السلطة. إذ يريد أن يذكره التاريخ بوصفه من حقق رؤيا الدولة الفلسطينية وهي رؤيا لا يمكن أن تتحقق من دون موافقة دولة إسرائيل. لكن إسرائيل لن تقبل أبداً بوجود دولة معادية لها بالقرب من حدودها. فقد سبق ودفعنا الثمن من حياتنا للأذى الذي تستطيع التنظيمات الإرهابية القيام به، حتى قبل الاعتراف بها كدولة.
· بناء على ذلك، على أبو مازن بدلاً من الخوض في موضوعات افتراضية لن تساهم في بناء مستقبل شعبه، التحاور مع القيادة الإسرائيلية الحالية، إذ وحدها الزعامة اليمينية تستطيع أن تساهم في دفع عملية السلام في حال كان فعلاً يرغب في هذا السلام، وهذا أمر مشكوك به.