· يستخدم مؤيدو الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية عدة ذرائع، من بينها التشكيك في عقلانية النظام الإيراني. ففي رأي هؤلاء أن لا عقلانية النظام في إيران تجعل من الصعب، بل من المستحيل، ردعه عن استخدام السلاح النووي ضد إسرائيل في حال حصوله عليه. في المقابل، يدعي الذين يرفضون الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، أن زعامة الجمهورية الإسلامية عقلانية بما فيه الكفاية، وأنه يمكن بالتالي الاعتماد على الردع الإسرائيلي.
· منذ الثورة الإسلامية، وبصورة خاصة منذ حرب إيران – العراق، أثبتت إيران أن سياستها تخضع لاعتبارات براغماتية. لكن ثمة أمراً آخر يثير القلق، هو أن إيران لم تكن تستطيع دائماً تقدير ردة فعل الخصم بصورة صحيحة، كما أنها لم تُظهر حساسيتها إزاء "الأثمان الباهظة" التي قد يدفعها مواطنوها من حياتهم.
· وحتى لو افترضنا أن إيران هي دولة عقلانية، فإن التحدي الذي نواجهه هو كيف نفهم هذه العقلانية الإيرانية، وما هي الاعتبارات التي تؤثر في مواقف الزعماء الإيرانيين، وكيف يمكن التنبؤ بقراراتهم وسلوكهم في أوقات الأزمات. علاوة على ذلك، ليس لدينا معلومات دقيقة تتعلق بكيفية اتخاذ طهران قراراتها، ولا عن نوعية المعلومات التي تصل إلى الزعيم الخامنئي.
· وإذا وضعنا جانباً مسألة عقلانية النظام الإيراني، فثمة شك كبير في أنه يمكن التوصل إلى توازن ردع إسرائيلي – إيراني ثابت بما فيه الكفاية، وذلك لأسباب سياسية وجغرافية وتكنولوجية لا علاقة لها بكيفية اتخاذ إيران قراراتها. ويمكن أن نضيف إلى ذلك احتمال نقل إيران قدرتها النووية إلى تنظيمات أخرى تابعة لها، مثل حزب الله.
· نستخلص مما سبق صعوبة، لا بل استحالة إيجاد توازن رعب ثابت في الشرق الأوسط يشبه ذاك الذي كان قائماً أيام الحرب الباردة، وذلك بسبب الأهمية الكبيرة للاعتبارات الدينية داخل أوساط النظام الإيراني، بالإضافة إلى احتمال انتقال السلاح النووي الإيراني إلى فريق آخر غير الإيرانيين.
· والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: هل في إمكان متخذ القرارات الإسرائيلي العقلاني أن يستبعد من حساباته مهاجمة إيران لإسرائيل على الرغم من المخاطر الكبيرة التي قد ينطوي عليها مثل هذا الهجوم؟ والجواب هو: طبعاً لا، إذ على الرغم من الاحتمال الضئيل لأن تقوم إيران بمهاجمة إسرائيل بسلاح نووي، فإن حجم الضرر الذي ينطوي عليه مثل هذا الهجوم كبير، وهو بالتالي يفرض على إسرائيل استنفاد كل الخيارات المتوفرة لديها، بما في ذلك الخيار العسكري، لمنع إيران من تنفيذ هجوم كهذا.