· إن إعادة انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة ستؤثر في سير العملية الانتخابية في إسرائيل، وأيضاً في الجمهور الإسرائيلي، كما سيكون لها تأثيرها في الجهاز السياسي خلال الأعوام الأربعة المقبلة. ومما لا شك فيه أن الانتخابات في الولايات المتحدة هي تعبير عن خيار المواطنين الأميركيين، وأن الرئيس الأميركي المنتخب هو الممثل للمصلحة الأميركية. والأكيد اليوم أن الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى كثير من الجهد لمواجهة مشكلاته، وأن إسرائيل ليست عنصراً له وزنه في هذه المشكلات.
· لكن في موضوعات السياسة الخارجية، ليس في إمكان الرئيس أن يتجاهل لفترة طويلة الشرق الأوسط ووظيفة إسرائيل في هذه المنطقة. فعلى الأرجح أن موضوع أسعار الطاقة غير المستقرة التي من شأنها التأثير في الولايات المتحدة وفي المصالح الأميركية في كل مكان من العالم، بالإضافة إلى الحاجة إلى إخراج القوات الأميركية من أفغانستان ومن العراق، سيجبران الرئيس أوباما على إعادة النظر في سياسته حيال المنطقة.
· تستقبل إسرائيل انتخاب أوباما بمشاعر مختلطة، إذ إن جزءاً من الجمهور الإسرائيلي المتعاطف مع تحالف "ليكود- بيتنا" بزعامة نتنياهو يتخوف من أن يعيد أوباما الاهتمام إلى القضية الفلسطينية، ويضغط في اتجاه تسوية يفرضها على إسرائيل، كما يتخوف هؤلاء من عدم قدرة إسرائيل على تحقيق هذه التسوية. أمّا الجمهور المؤيد لحزب العمل بزعامة شيلي يحيموفيتش، فيحاول بشتى الوسائل عدم طرح الموضوع الفلسطيني على جدول الأعمال لأسباب سياسية.
· وتبدو الأحزاب السياسية في إسرائيل من كلا المعسكرين مشغولة بالمسألة التالية: هل هناك شريك فلسطيني؟ ولقد تحول هذا النقاش إلى نقاش غير عقلاني، وبات يتناول مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وينبغي لنا الاعتراف بأن هذا النقاش يحول دون إدراكنا لأهمية المسألة التي تواجهنا، ويشل قدرتنا على العمل.
· بناء على ذلك، يجب إعادة مسألة العلاقات مع الفلسطينيين إلى جدول أعمال الانتخابات، من دون أن يكون ذلك نتيجة الضغط الخارجي من جانب الرئيس الأميركي، ولا بسبب مفاوضات مباشرة مع شركاء لدينا شكوك في نواياهم. كما يتعين علينا أن نوجد خطاً جديداً للعمل من أجل تحقيق حل الدولتين لشعبين، وتبني التوجه القائل بأن تحقيق حل الدولتين من شأنه أن يعزز قوة أي شريك محتمل، وأن يساهم في العودة إلى المفاوضات التي ستؤدي إلى حل ولو كان جزئياً. وفي حال عدم حدوث ذلك، فإننا لن نخسر، في المدى البعيد، طابعنا كدولة يهودية – ديمقراطية فحسب، بل سنخسر أيضاً مكانتنا كشريك شرعي في المجتمع الدولي. ويمكن القول إن رؤية دولتين لشعبين هي التي ستزيل أساس المطالبة بعودة الفلسطينيين إلى داخل أراضي دولة إسرائيل.
· من هنا أقترح أن تعلن إسرائيل أن ليس لديها مطالب إقليمية في الأراضي الواقعة شرقي الجدار الأمني، الأمر الذي يتطلب وقف البناء في هذه المناطق. كذلك يجب أن تتم معالجة مسألة المستوطنين الذين أُرسلوا من جانب الحكومات الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي للعيش شرقي الجدار معالجة صحيحة، وذلك عبر الاعتراف بحقوقهم وعدم تكرار ما جرى لدى الانسحاب من غزة، ويجب أيضاً إعداد خطة وطنية لاستيعابهم، وسن قوانين للإخلاء الطوعي وللاستيعاب تسمح للمستوطنين الراغبين في العودة قبل التوصل إلى اتفاق بأن يفعلوا ذلك منذ اليوم.
· علاوة على ذلك، من الضروري إبقاء الجيش الإسرائيلي شرقي الجدار الأمني وحتى سهل الأردن من أجل ضمان أمن المستوطنين الذين يفضلون عدم إخلاء مستوطناتهم قبل التوصل إلى اتفاق. وعلى إسرائيل، بهدف الدفاع عن وحدة الشعب ومنع الحرب الأهلية، أن تعلن منذ اليوم أن أي قرار يتعلق بترسيم الحدود الشرقية لدولة إسرائيل في المفاوضات المقبلة سيعرض على الاستفتاء العام.
· إن هذه الخطة المقترحة لا تنطوي على أي خطر أمني بالنسبة إلى إسرائيل وهي لن توجد فراغاً أمنياً من النوع الذي سمح لحركة "حماس" بالسيطرة على قطاع غزة. كما أنها لن تكرر الأخطاء التي وقعت في أثناء إخلاء سكان مستوطنة غوش قطيف، وستحافظ على الديمقراطية وعلى الوحدة الاجتماعية من خلال الحصول على تأييد الجمهور الإسرائيلي بأسره.
· في النهاية، وحدنا نستطيع إنقاذ أنفسنا من أنفسنا، وتحمل المسؤولية، والقيام بما هو مطلوب منا من أجل تحقيق حل الدولتين لشعبين الذي يمثل السبيل الوحيد لضمان بقاء دولة إسرائيل دولة صهوينة يهودية وديمقراطية.