حزبا العمل و"يش عتيد" يتخذان مواقف يمينية للحصول على دعم الناخبين من الوسط الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       برز في الأيام الأخيرة جنوح شيلي يحيموفيتش، زعيمة حزب العمل، ويائير لبيد، زعيم حزب "يش عتيد"، نحو اليمين في محاولة للحصول على دعم ناخبي أحزاب الوسط. فقد أعلنت زعيمة حزب العمل أن حزبها لم يكن يوماً يسارياً، واقترح زعيم حزب "يش عتيد"، من جهته، التشدد في المفاوضات مع الفلسطينيين لدفعهم إلى التنازل عن القدس الشرقية مثلما تنازل أبو مازن عن حق العودة.

·       في رأيي يجب دعم يحيموفيتش ولبيد في سعيهما للحصول على أصوات اليمين، ذلك بأن كل ناخب يؤيدهما سيشكل خسارة لتحالف "ليكود - بيتنا"، وسيدعم الديمقراطية الليبرالية في إسرائيل، وسيضعف اليمين الديني القومي.

·       إن الواقع السياسي السائد في إسرائيل يدل على أن بنيامين نتنياهو سيكون رئيساً للحكومة بعد الانتخابات، وسيترأس ائتلافاً واسعاً قد يضم حزبي العمل و"يش عتيد"، اللذين يستعدان لتأدية دورهما الجديد من خلال المعركة الانتخابية الضعيفة التي يخوضانها ضد رئيس الحكومة. ولذا لا نرى زعيمي هذين الحزبين يتحدثان عن الدفاع عن الديمقراطية، ولا عن احترام حقوق الأقليات، ولا عن خطر الحرب. 

·       إن الهدف من هذه المواقف التي حولت حزبي العمل و"يش عتيد" إلى نسخة ملطفة عن حزب الليكود، هو الحصول على دعم الناخبين من اليمين المعتدل. إذ تحاول يحيموفيتش، وكذلك لبيد، استقطاب الذين خاب أملهم من تحالف نتنياهو - ليبرمان، والذين يبحثون لأنفسهم عن حزب سياسي جديد، ولا يحبون "اليسار". وفي حال نجاح يحميوفيتش ولبيد في مساعيهما فإنهما سيحققان أمرين أساسيين، هما: أولاً، خفض عدد ممثلي "ليكود - بيتنا" في الائتلاف القادم؛ ثانياً، زيادة عدد أعضاء الكنيست من الأحزاب العلمانية المؤيدة للاعتدال السياسي والمعارضة للتوجهات القومية المتطرفة.

·       واذا افترضنا أن يحيموفيتش ولبيد اختارا أسلوباً آخر في حملتهما الانتخابية، فابتعدا عن اليمين، وتصورا مع أبو مازن، ودعيا إلى وضع حد للاحتلال وإلى إخلاء المستوطنات، لكانت النتيجة القضاء على اليسار وعلى ميرتس من دون إلحاق أي ضرر بتحالف نتنياهو- ليبرمان أو بشركائهما من الكتل الدينية. وهذا ما حدث في الانتخابات السابقة، فقد اتخذت تسيبي ليفني المواقف الملائمة، الأمر الذي سمح لكاديما بالانتصار على نتنياهو، كما حافظت على صدقيتها السياسية الشخصية عندما رفضت الانضمام إلى حكومة نتنياهو، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكن حزبها من تحقيق أي شيء في الكنيست السابق، وبالتالي إلى تفككه.

·       يتخلى، اليوم، كل من يحيموفيتش ولبيد عن حركة ميرتس. وهما لا يسعيان وراء المؤيدين لهذه الحركة، الذين، بحسب استطلاعات الرأي، يزداد عددهم، وهو أمر جيد بالنسبة إلى من يريد أن يبني من جديد اليسار السياسي في إسرائيل.

·       لن يستطيع يائير لبيد أن يرفع مستوى التعليم في إسرائيل إلى مستواه في فنلندا، ولن ينجح في جعل الحريديم يؤدون الخدمة العسكرية ويدخلون إلى سوق العمل، كذلك لن تستطيع يحيموفيتش تغيير طبيعة الاقتصاد ولا القضاء على كبار رجال الأعمال. لكن في حال توجه نتنياهو بعد الانتخابات نحو اليسار وطرح مبادرة سياسية على الفلسطينيين، فإن حزبي العمل و"يش عتيد" سيشكلان غطاء إيجابياً له، وثقلاً مضاداً في مواجهة المتشددين من الليكود، مثلما فعلت حركة شينوي وحزب العمل خلال ولاية أريئيل شارون الثانية. لذا يجب أن نقول ليحيموفيتش وللبيد، لا بأس في التوجه نحو اليمين لكن كونا حذرين.