· يمكن القول إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منحت إسرائيل ضوءاً أخضر لشن عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة. فعندما يقول السفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو إن إسرائيل تملك الحق في الدفاع عن نفسها وعن سكانها، فإن ذلك يعني شيئاً واحداً فقط، هو أن بلده سيتفهم أي عملية عسكرية إسرائيلية في القطاع. بناء على ذلك فإن الكرة الآن في كل ما يتعلق بهذه العملية أصبحت في ملعب الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش الإسرائيلي.
· ويبدو أنه لم يعد أمام إسرائيل مناص من شن عملية عسكرية كهذه، ذلك بأن حركة "حماس" تجاوزت خلال اليومين الفائتين جميع الخطوط الحمر، وتسببت بحشر المؤسسة السياسية الإسرائيلية في الزاوية عشية معركة انتخابات عامة، وأظهرت الجيش الإسرائيلي كما لو أنه مجموعة من العاجزين غير القادرين على توفير الحماية المطلوبة للسكان المدنيين في المنطقة الجنوبية.
· مع ذلك، لا بد من القول إن المؤسسة السياسية وقيادة الجيش في إسرائيل تواجهان في الوقت الحالي معضلة كبيرة، تتمثل في التأكد من عدم تسبب أي عملية عسكرية يتم الإقدام عليها بسقوط سلطة "حماس" في القطاع، ذلك بأن لدى إسرائيل مصلحة في بقاء هذه السلطة، وعدم حلول جهة أخرى أكثر تطرفاً منها محلها. وفي ضوء ذلك فإن أي عملية عسكرية يجب أن تحقق هدفاً واحداً فقط، هو وقف إطلاق النار من القطاع لأمد طويل، ويمكن تحقيق هذا الأمر من خلال إلحاق أضرار كبيرة بمواقع السلطة وبناها التحتية، وبالمواقع العسكرية التابعة لكل من حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، ومن خلال إلحاق أدنى أضرار بالسكان المدنيين العزل. ولا شك في أن الجيش الإسرائيلي جاهز لعملية عسكرية كهذه، كما أنه أجرى تدريبات عليها.
· في الوقت نفسه يتعين على المؤسسة السياسية وقيادة الجيش أن تأخذا في الاعتبار أن شن عملية عسكرية واسعة النطاق على القطاع سيضطر حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي إلى استعمال الأسلحة الاستراتيجية التي في حيازتهما، ولا سيما الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكنها أن تصل حتى شمالي مدينة هرتسليا [بالقرب من تل أبيب]، وهذا يعني تعريض منطقة غوش دان [وسط إسرائيل] كلها لخطر إطلاق الصواريخ.