ربيع الشعوب العربية ينزلق نحو الفوضى الكاملة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • مع مرور الوقت يظهر، أكثر فأكثر، أن ما أطلقت عليه وسائل الإعلام اسم "ربيع الشعوب العربية" هو في الحقيقة انزلاق نحو الفوضى الشاملة والخراب والسير على حافة الهاوية. ليس هناك كلمات يمكنها أن تصف ما يجري حولنا، فقد قُتل القذافي، لكننا قريباً سنتحسر عليه لأن الذي سيحل مكانه أسوأ منه بكثير. ففي الأعوام الأخيرة، كان القذافي عبارة عن وحش مدجن، إذ تخلى عن السلاح النووي وتفاهم مع الغرب وتوقف عن افتعال المشكلات، واليوم حل مكانه خليط كبير من القبائل المتناحرة، ومن بين زعمائها أحد كبار المعجبين ببن لادن.
  • وعندما ننتقل إلى تونس، نجد أن هذه الدولة التي كانت متحضرة وهادئة تحت حكم زين العابدين بن علي أصبحت دولة ديمقراطية مع إضافة بسيطة، وهي فوز الحزب الإسلامي في الانتخابات فلننتظر لنرى ما سينجم عن ذلك!. أمّا بالنسبة إلى مصر، فها هو حسني مبارك في السجن، ويبدو أن طنطاوي في طريقه إلى هناك أيضاً، وسنتحسر كثيراً على هذين الرجلين. إلاّ إن هذا لا يعني أن الحرب ستنشب خلال أشهر مع مصر، إذ ليس لديها القدرة الاقتصادية على ذلك، لكنه يدل على أن ما كان موجوداً قد ذهب إلى غير رجعة، وأن الحدود الهادئة في الجنوب ستتحول إلى حدود صعبة، وأن "حماس" سترفع رأسها بدلاً من أن تتلقى الضربات من القاهرة، حيث ستجد دائماً أذناً صاغية لها.
  • وإذا أكملنا جولتنا نجد أن الأردن في وضع غير مريح. فالملك الأردني يخيفه الكلام الذي يسمعه من القدس بشأن تجدد الحديث عن "الخيار الأردني"، وعن أن "الأردن هو فلسطين". من ناحية أخرى، سقطت اليمن واضطر رئيسها الموالي للغرب [علي عبد الله صالح] إلى تقديم استقالته، وهناك خطر نشوء الفوضى من بعده.
  • أمّا بالنسبة إلى سورية فهي تحترق، وقد يكون من الجيد سقوط الأسد لأن ذلك سيلحق الضرر بمحور طهران - بيروت. لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هي التالية: من سيأتي مكان الأسد؟ وهل سنشهد من بعده الفوضى والأسلمة اللتين نشهدهما في مصر؟ وهل ستتحول الحدود الهادئة في هضبة الجولان إلى منطقة توتر؟
  • وهناك سؤال آخر: من هي الجهة التي عليها أن تتولى معالجة هذا كله، هل هي أميركا؟ لا وجود لأميركا، إذ لم يسبق أن شهدت الولايات المتحدة مثل هذا التدهور في مكانتها منذ الحرب العالمية الثانية.... لقد نجح أوباما في القضاء جذرياً على أساس قوة الردع الأميركية، وارتكب كل الأخطاء الممكنة في الشرق الأوسط....
  • في ظل الأوضاع الحالية يمكننا أن نفهم سبب رفض زعماء أوروبا والولايات المتحدة الهجوم الإسرائيلي على إيران، إذ لا ينقص العالم مشكلة جديدة. من ناحية أخرى، يبدو أننا أقل اهتماماً بمصالح العالم من اهتمامنا بالدفاع عن وجود إسرائيل، ذلك بأن توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران قد يتسبب باشتعال الخليج والشرق الأوسط، وقد يؤدي إلى حرب إقليمية واضطرابات عالمية، وإلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، وإلى انهيار الاقتصادات التي لم تتداعى بعد في أوروبا وفي أميركا.
  • من أجل تنفيذ التهديد، ومهاجمة المنشآت النووية في إيران، تحتاج إسرائيل إلى تحالف مثل الذي أقامه جورج بوش الأب [ قبل حرب العراق الأولى سنة 1991]، ونحن ضعفاء في هذا المجال. بيد أن نتنياهو يتصرف كما لو أن إسرائيل هي الدولة العظمى الوحيدة الباقية بعد سقوط الدول العظمى الأخرى، فهو لم يسع لترميم العلاقات مع تركيا، ولم يفعل شيئاً لطمأنة أوروبا، هذا كي لا نتحدث عن علاقته بأوباما. لذا، فعندما سيحتاج نتنياهو إلى دعم هؤلاء في الربيع المقبل، فإنه على الأرجح  لن يجدهم ....