· يمكن تلخيص الموقف الذي اتخذه الفلسطينيون مؤخراً، بدعم من جامعة الدول العربية، بكلمتي "لا" و "نعم": لا لمواصلة المحادثات مع إسرائيل، ونعم لمنح الولايات المتحدة مهلة إضافية كي تجبر إسرائيل على تغيير موقفها من قضية المستوطنات.
· تبذل إسرائيل كل ما تستطيع ليس فقط من أجل فسح المجال أمام تغيير حالة العداء المستمرة منذ نحو مئة عام بين العرب واليهود، بل أيضاً، وربما في الأساس، كي تتمكن من تركيز جهودها على درء التهديدات الخارجية، وخصوصاً إيران التي تتحول إلى دولة نووية وإرهاب الجهاد العالمي.
· يعتقد الفلسطينيون أن التكتيك الذي يتبعونه سيمكّنهم من دفع الولايات المتحدة إلى المبادرة إلى "حل مفروض" يكون ملائماً لهم أكثر مما سيكون ملائماً لإسرائيل. ويعلم الفلسطينيون جيداً أن ادعاءهم، وفحواه أن المستوطنات ستمنعهم من إقامة دولتهم، هو من نسيج الخيال، وأن موقفهم نابع من دوافع أخرى هي الطعن بشرعية الوجود اليهودي المستقل في أي جزء من "فلسطين".
· هدف الفلسطينيين المرحلي هو إجبار إسرائيل على الموافقة، طوعاً أو جرّاء ضغوط أميركية، على كل مطالبهم بشأن الحدود، والقدس، واللاجئين وغيرها، من دون مفاوضات حقيقية ومن دون حلول وسط وتنازلات من جانبهم. إن سلوكهم يثبت صحة مقولة [وزير الدفاع الأسبق] موشيه ديان التي فحواها أنه لا يوجد أي إمكان حقيقي للتوصل إلى اتفاق كامل ورسمي مع الفلسطينيين يستطيع الطرفان التعايش معه.
· لهذا السبب سيتعين على إسرائيل، في هذه المرحلة أو في مرحلة أخرى، أن تدرس مجدداً خيار القيام بخطوات أحادية الجانب (خطوات لن تتخذ بالضرورة شكل "انسحابات"). إن ما يقرر الحدود المستقبلية هو الأمن في المقام الأول. وقد اتخذت رسالة [الرئيس الأميركي السابق] جورج بوش إلى [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] أريئيل شارون هذا المنحى، وعلى إسرائيل أن تركز جهودها في مهمة الحصول على تعهد من الإدارة الأميركية الحالية بمواصلة الالتزام بها.
· من المؤكد أن أمن إسرائيل ليس "مرهوناً بإقامة دولة فلسطينية مستقلة"، كما صرّح الرئيس أوباما مؤخراً، ولكن الأهم من ذلك أن هذه الدولة التي "ستعيش إلى جانب إسرائيل بسلام" ـ بحسب التعريف الأميركي الرائج منذ عهد بوش الإبن ـ ربما تتحول إلى قاعدة إرهابية ورأس جسر للعدوان.
إن السيطرة [الإسرائيلية] الفعالة على غور الأردن تشكل مثلاً بارزاً وحيوياً في هذا السياق. وفي إمكان التفاهمات الواضحة والملزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الموضوعات الأمنية المهمة - ويجب أن نفترض أن هناك اتصالات جارية بين الطرفين بهذا الشأن - أن تعيد تحريك العملية السياسية العالقة، على الأقل حتى المرة المقبلة التي سيكدّس فيها الفلسطينيون العراقيل.