من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يجب أن نشكر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على إعلانه أن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي يشكل أساساً للسلام، ذلك بأن إعلانه هذا يكشف منطلقاته الأيديولوجية ويحفز مناقشة قضايا مهمة. فرئيس الحكومة، شأنه شأن معظم الإسرائيليين، يعتقد أن المعارضة العربية للاعتراف بهذا المطلب تشكل رفضاً لوجود دولة إسرائيل، وتعكس معارضة مبدئية للاعتراف بسيادتها. إن هذا التصور السائد على نطاق واسع [في إسرائيل] نابع من عدم التمييز بين الاعتراف بدولة إسرائيل والاعتراف بها كدولة يهودية.
· يوجد في المجتمعات العربية عناصر تعارض فعلاً الاعتراف بدولة إسرائيل، لكن لا يرفض العرب كلهم الاعتراف بها. لقد اشتملت اتفاقات السلام التي تم توقيعها مع مصر والأردن شرطاً صريحاً نصّ على الاعتراف بدولة إسرائيل، وعشية توقيع اتفاق أوسلو، تبادل [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين و [الرئيس الفلسطيني السابق] ياسر عرفات رسائل بشأن هذه النقطة. غير أن هذه الاتفاقات لا تتطرق إلى الاعتراف بإسرائيل "كدولة يهودية".
· إن الاعتراف السياسي والقانوني بدولة اسرائيل هو شرط ضروري يجب أن تتضمنه اتفاقات السلام مع الجانب العربي، أما الهوية الوطنية والثقافية للمجتمع الإسرائيلي فهي مسألة داخلية. ومن المشروع، طبعاً، أن يعبّر الإجماع الإسرائيلي عن هويته اليهودية، لكن مطالبة الجانب الفلسطيني بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية لا شأن لها بتوقيع اتفاق سلام معه.
· هناك ثلاث دلالات أساسية للمطالبة بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية في سياق النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عامة، ولطرحه في مرحلة المفاوضات بشأن اتفاق الوضع النهائي خاصة. الأولى، هي إنكار شرعية مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بحقوقهم التاريخية في وطنهم، أو على الأقل في الجزء الأكبر منه. إن القبول بمطلب نتنياهو سيكون بمثابة قبول [الرئيس الفلسطيني] محمود عباس بمحو ذكرى النكبة وإلغاء السردية الفلسطينية بشأن حرب سنة 1948.
· الدلالة الثانية تتعلق هي أن هذه المطالبة تقوض موقف الفلسطينيين فيما يتعلق بسيادتهم على جزء من القدس، وخصوصاً على الحرم الشريف، أي جبل الهيكل. فهل يخطر في بال أحد أن نتنياهو، بعد مطالبته بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، سيقبل الحلول الوسط بشأن السيطرة على المنطقة التي تضم قدس أقداس اليهود؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية يلغي إمكان التوصل إلى اتفاق بشأن قضية اللاجئين الشائكة.
· الدلالة الثالثة تتعلق بالرسالة القاسية التي تنطوي عليها مطالبة نتنياهو فيما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، والتي تعبّر عن تنكّر لعلاقتهم بوطنهم التاريخي. فعلى مدى العقد الماضي، تزايدت تعبيرات تنكّر الأغلبية اليهودية للهوية التاريخية والقومية للأقلية العربية بصفتها جزءاً من الشعب الفلسطيني. وتشكل أحداث تشرين الأول/ أكتوبر 2000 نقطة تحول في نظرة المواطنين الفلسطينيين إلى الدولة، ورؤيتهم لنظرة الأكثرية اليهودية إليهم.
إن المفاوضات السياسية هشة منذ البداية، ومن شأن الإصرار على المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية أن يؤدي إلى إحباط أي تقدم فيها، وأن يعزز الاعتقاد أن رفض الفلسطينيين القبول بطلب نتنياهو إنما يزيل الأقنعة عن وجوههم ويكشف نياتهم الحقيقية. ويبدو هذا الأمر كأنه صدى مقلق للرواية التي أشيعت في أعقاب فشل قمة كامب ديفيد قبل 10 أعوام، والتي لم يكن لها أي أساس من الصحة.