يجب عدم إخلاء المستوطنات
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·       هناك عقبات كثيرة تعترض توقيع اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين، إذ ليس هناك ما يضمن أن قرار الانسحاب من يهودا والسامرة سيثبت جدواه، وسيجلب السلام، و"أن الهدوء سيعم إسرائيل أربعين عاماً"، وأن الفلسطينيين لن يقدموا بصورة غير مباشرة مطالب جديدة ـ مثلاً: المساواة لعرب إسرائيل على الصعيد الوطني (وليس فقط على صعيد المواطنة)؛ عودة اللاجئين إلى إسرائيل؛ استعادة أملاك الغائبين؛ الربط الجغرافي بين يهودا والسامرة وغزة ـ بعد أن يكونوا تعهدوا بأن مطالبهم انتهت.

·       لكن العقبة الأساسية التي تعترض الاتفاق هي الخوف من قيام الجيش بإجلاء نحو 200 ألف مستوطن بالقوة، وما سيرافق ذلك من بكاء الأطفال، وجرّ النساء، وعراك وإطلاق نار بين الرجال من الطرفين. إن هذا الخوف الحقيقي ليس سببه اعتبارات جيوسياسية أو أمنية، وإنما أحاسيس أقوى من ذلك. فصور إخلاء المستوطنات في قطاع غزة ما زالت حية في الذاكرة الوطنية، وسيكون إجلاء المستوطنين من السامرة ويهودا أشبه بعملية ترانسفير. وهذه المرة سيلجأ الذين سيُجلون إلى العنف، وستقع عشرات الضحايا بين الطرفين.

·       هل يستطيع الجيش الإسرائيلي تنفيذ أوامر الإجلاء؟ هناك تخوف من أن يرفض عدد كبير من الجنود إجلاء المستوطنين. بالإضافة إلى ذلك علينا عدم الاستهانة بمخاطر الانقسام الحاد الذي سيحدث وسط الشعب، والخلافات التي ستنشب بين مؤسسات الحكم في إسرائيل. وفي مثل هذه الحالة ماذا نفعل؟

·       إن أحد الاحتمالات الذي لم يُدرس كما يجب، هو التخلي عن الأرض من دون إجلاء المستوطنين، على أن يترك لهؤلاء الخيار في أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون البقاء أم المغادرة. ويجب أن تتضمن الاتفاقية بين الدولتين الموافقة المتبادلة على بقاء مواطني إحدى الدولتين في أماكن إقامتهم لدى الدولة الثانية. وبما أن هناك مليون وربع مليون فلسطيني يعيشون في إسرائيل (هكذا يصف معظم عرب إسرائيل أنفسهم)، فإن هذا يعني أن من الممكن أن يعيش على أراضي الدولة الفلسطينية عدد معين من اليهود.

·       إن اليهود في السامرة ويهودا، في معظمهم، سيختارون الانتقال إلى إسرائيل، مثلما جرى في كينيا وروديسيا بعد قيام الحكم الديمقراطي للأغلبية السوداء. وسيجري تمويل عملية الانتقال من عدة مصادر: أولاً، من الحكومة الإسرائيلية التي ستعوض عليهم؛ ثانياً، من خلال بيع منازل المستوطنين والأملاك العامة - الأبنية العامة؛ الطرق؛ شبكة الكهرباء والمياه والمجارير - إلى الفلسطينيين والدولة الفلسطينية الراغبة في مغادرة هؤلاء؛ ثالثاً، من الحكومة الأميركية التي ستساعد إسرائيل كما ساعدتها عند الاتفاق مع مصر.

·       في الأعوام الأولى سيعود إلى إسرائيل نحو نصف المستوطنين، وبعد مضي عشرة أعوام سيعود نحو 90%، وسيبقى في أرض فلسطين نحو عشرين الى ثلاثين ألف يهودي، أي ما يعادل 1% فقط من نسبة الـ 20% من العرب الذين يعيشون في إسرائيل.

إن هذه الفكرة، مثلها مثل أي فكرة أخرى، يجب أن تترافق بعمل تفصيلي ودقيق، بدءاً من التحديد التفصيلي لترتيبات المحافظة على أمن المستوطنين الذين سيبقون في أماكنهم، وصولاً إلى ايجاد حل خلاق للمستوطنات المعزولة مثل يتسهار التي تشكل فتيلاً لتفجير الاتفاق.